اعتمد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله مؤخراً "قانون الاستعلام الائتمانيّ"، وهو القانون الذي سيخفّف عند تطبيقه المخاطر الائتمانية في القطاع المصرفي الإماراتي، عبر زيادة شفافية العلاقة بين المصارف العاملة في الدولة من ناحية والمتعاملين معها من ناحية أخرى، كما أنه يزيد مستوى شفافية العلاقة البينيّة بين مؤسسات القطاع المصرفي وبعضها بعضاً، عبر منح كلٍّ منها الحق في الاستعلام عن التاريخ الائتماني للمستفيدين من خدماتها، ما سيجعل هذه المؤسسات قادرة على تقويم جدوى قراراتها الائتمانية بشكل سليم قبل الخوض فيها، ويحميها من الكثير من الأضرار الماليّة التي قد تقع فيها في حال عدم وجود مثل هذا القانون الذي يساعدها على الحصول على المعلومات الائتمانيّة وقتما تشاء. وفوق الفوائد المتعدّدة التي يتضمنها إقرار "قانون الاستعلام الائتماني" ودخوله حيز التنفيذ، الذي سيمسّ الجانب النقدي في الاقتصاد الإماراتي بشكل مباشر، فإن توالي إصدار القوانين الاقتصادية والمالية في دولة الإمارات على مدار العامين الماضيين، قد أظهر مدى وعي القائمين على الشؤون الاقتصاديّة في الدولة بحساسية المرحلة الراهنة التي تشهد واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية على مرّ التاريخ المعاصر، كما أن توالي هذه القوانين عبّر عن مدى وعي هذه الجهات بضرورة التفاعل الإيجابي مع المستجدات التي تطرأ على الواقع الاقتصادي المحلي والإقليمي والعالمي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن النظر إلى القضايا التي تناولتها هذه القوانين، وكذلك الطريقة التي تناولتها بها، يعبّر عن مدى الفهم والإلمام لدى تلك الجهات بطبيعة "الأزمة المالية العالميّة" وحجمها، وما يترتّب عليها من تداعيات، ومستوى تشابكها مع جوانب الحياة الاقتصادية في دولة الإمارات. هناك اهتمام كبير من المنظّمات الاقتصادية الدولية والمهتمين بالشؤون الاقتصادية العالمية، سواء كانوا خبراء أو مستثمرين أو أفراداً، بسياسة الدّول المختلفة في التعامل مع آثار "الأزمة المالية العالمية"، حيث أصبح هذا الأمر أحد معايير التصنيف الدولي المهمّة في المرحلة الراهنة، واحتلت الدول التي تتعامل بشكل فعّال مع هذه التداعيات مواقع مميزة على خريطة الاقتصاد والاستثمار العالميين، خاصة أن الأعوام القليلة الماضية قد شهدت تطوير بعض المؤشرات المهتمة برصد التعديلات التي تدخِلها الدول على مناخها الاستثماري. إن إصلاح الأطر التشريعية والتنظيمية المرتبطة بالأنشطة الاقتصادية في الدول المختلفة في أوقات الأزمات الاقتصادية الدولية يبدو أكثر أهمية مقارنة بالجوانب الاقتصادية الأخرى، باعتبار أن هذه الأطر هي ما تمس بشكل مباشر الأنشطة الاقتصاديّة والقائمين عليها من مؤسسات ومستثمرين وأفراد، ما يبث حالة من الثقة لديها بقدرات الدولة ودورها الفاعل في مواجهة تداعيات الأزمات الدولية. وتزداد هذه الحقيقة جلاءً ووضوحاً في أوقات الأزمات الكبرى، التي لا يستطيع أيّ نشاط اقتصادي أو مستثمر أو فرد عادي أن يكون بعيداً عن تأثيراتها. تعامل دولة الإمارات الفعّال مع تداعيات "الأزمة المالية العالمية" وتأثيراتها السلبية على المستوى المحلي، يضعها وفقاً لهذه المعطيات ضمن الدول المعدودة على مستوى العالم الأكثر إصلاحاً للمناخ الاستثماري، والأكثر قدرة وخبرة في التعامل مع المستجدات والأزمات الاقتصادية في الحاضر والمستقبل. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.