لاشكّ في أن مناسبة اليوم الوطني هي مناسبة للفرح كلّ عام يشارك فيها أفراد المجتمع الإماراتي كلّهم، سواءٌ المواطنون أو الوافدون، ويعبرون عن فرحتهم بأشكال متباينة، وتستثمر جهات مختلفة أيام الاحتفال بعيد الاتحاد من أجل إقامة فعاليات ثقافية وتراثية تربط الأجيال الجديدة بتراثها، وتعزّز لديها الشعور بالهوية والانتماء والخصوصية الحضارية. من حق الجميع أن يفرح ويعبّر عن حبه لوطنه، فهذا أمر محمود لابدّ من التشجيع عليه ودعمه، لكن من دون أي اختراق للنظام العام، أو التسبب في الإيذاء، سواء للنفس أو للغير، وإحداث الفوضى، لأن المسألة في هذه الحالة تسيء إلى رمزية المناسبة وأهميّتها من ناحية، وإلى الصورة الحضارية للدولة من ناحية أخرى. في هذا السياق يكتسب ما أعلنته، مؤخراً، مديرية المرور والدوريات في شرطة أبوظبي أهميّته وخطورته في الوقت نفسه، حيث أكدت أنها احتجزت 297 مركبة ارتكب سائقوها العديد من المخالفات الخطرة، وتسببوا في الضجيج والفوضى ومضايقة الآخرين وإزعاجهم خلال احتفالات اليوم الوطني الـ (39) في الفترة من 1 إلى 5 ديسمبر الجاري، وحرّرت نحو 25 ألفاً و682 مخالفة على مستوى الإمارة. وهذه الأرقام تلفت النظر إلى أمر يتكرّر في اليوم الوطني كل مرة تقريباً، وهو أن الاحتفالات به تخرج من قبل بعضهم عن المظهر الحضاري الذي يجب أن تتميّز به، ومن ثم تسبب الكثير من المشكلات ومظاهر الاضطراب على مستويات مختلفة، ومن هنا تأتي أهمية ما أعلنه مدير مديريّة المرور والدوريات في شرطة أبوظبي من أن المديرية تعتزم وضع ضوابط جديدة لتزيين السيارات ومشاركة المركبات في الاحتفالات والمناسبات، ومنح تصاريح للمسيرات، وتحديد الطرق والأماكن المسموح بها سيتم إعلانها قريباً من أجل توفير السلامة المرورية، وحفظ حقوق الآخرين، ومنع أيّ مظاهر مرورية غير حضارية في المستقبل. ومع أهمية الدور الذي تقوم به الشرطة، والذي تزمع أن تقوم به في المستقبل لمنع مثل هذه الظواهر الاحتفالية السلبيّة التي تسيء إلى مناسبة وطنية عزيزة، فإن هناك دوراً لمؤسسات أخرى في المجتمع من أجل تكريس ثقافة حضاريّة للاحتفال بالمناسبات الوطنية، والتعبير المشروع والمطلوب عن الفرح فيها، ويبرز هنا دور الأسرة والإعلام والمدرسة ومؤسسات المجتمع المدنيّ، وما يمكن أن تقدمه من إسهام كبير في مجال التوعية وتصحيح المفاهيم، لدى الشباب والنشء خاصة، حول الطريقة المثلى للتعبير عن الفرح بشكل متحضّر يضيف إلى صورة الإمارات أمام العالم، لأن الذين يثيرون الفوضى في أثناء احتفالات اليوم الوطني يقومون بذلك، لأن لديهم مفاهيم وتصوّرات خطأ بشأن طريقة الاحتفال والتعبير عن حب الوطن، ومن المهمّ العمل على تغيير هذه المفاهيم والتصورات بالتلازم مع العمل على وضع الضوابط الأمنية التي تمنع وقوع المخالفات، وهو الدّور الذي تقوم به الشرطة، وتعمل على تطويره وتفعيله بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، حتى تعكس الاحتفالات باليوم الوطني الوجه الحقيقي والمتحضّر لدولة الإمارات العربية المتحدة وما تشهده من تطوّر تنموي على المستويات كافة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.