على مدار الفترة من 8 إلى 18 من شهر ديسمبر الجاري تكون العاصمة أبوظبي محطّاً لأنظار الملايين من مشجّعي كرة القدم في العالم كلّه، لاستضافتها بطولة "كأس العالم للأندية" لكرة القدم، وهي المرة الثانية على التوالي التي تستضيف فيها الإمارة هذا الحدث الرياضيّ الكبير والمهم. ونظراً إلى أهمية هذا الحدث الرياضي، فقد استعدت أبوظبي له على الوجه الأكمل، وخصّصت له المرافق اللازمة كلّها، لإخراجه بالشكل الذي يليق بحجمه على مستوى العالم، ويليق بسمعة الإمارة الصّاعدة بقوة في عدد كبير من القطاعات والأنشطة الاقتصادية والرياضية والثقافية على المستوى العالمي أيضاً، فقد خصّصت الإمارة تسعة من ملاعبها المتطوّرة لاستضافة البطولة، سبعة منها لأغراض التدريب، واثنان لاستضافة المباريات الرسميّة، هذا بالإضافة إلى توفير السبل اللازمة كافة لاستضافة زائري الإمارة من أنحاء العالم جميعها، بداية بلاعبي الأندية المشاركة في البطولة وإداريّيها وصولاً إلى السائحين القادمين لمتابعة فعاليات البطولة، كما خصّصت نحو 14 ألف غرفة فندقية لإقامة الزائرين، ونحو 70 حافلة لنقل الجماهير من الملاعب التي تقام عليها فعاليات البطولة وإليها، هذا بالطبع إلى جانب البنية التحتيّة والمرافق السياحية ومراكز التسوّق المتطوّرة التي تمتلكها الإمارة، التي تمثل أحد عوامل الجذب السياحيّ من ناحية، وعنصراً أساسيّاً من عناصر إنجاح أي فعاليات كبرى من ناحية أخرى. إن نجاح أيّ دولة في استضافة فعاليات رياضية بهذا الحجم العالمي الكبير لا يتحقق بشكل كامل إلا بتضافر جهود أطراف مختلفة، حيث لا يتوقّف الأمر على دور المؤسسات الحكومية فقط، وإنّما على أدوار أخرى، في مقدمتها الدور الشعبي من خلال إيجاد روح تضامنية بين مختلف مكوّنات المجتمع، سواء على المستوى الرسمي، أو المستوى غير الرسمي، ووضع هدف إنجاح مثل هذا الحدث العالمي نصب أعين الجميع، وهذا يتحقّق من خلال التعامل الحضاري مع فعاليات البطولة، سواء كان ذلك داخل الملاعب، أو خارجها، لأن دولة الإمارات العربية المتحدة خلال فترة البطولة ستكون تحت عين العالم كلّه، ما يمثل فرصة كبيرة لإظهار الوجه الحضاريّ للدولة في الساحة الدولية. ونظراً إلى أن النجاح الذي حققّته دولة الإمارات في استضافة الأحداث الرياضية على مدار الأعوام السابقة كان بمنزلة البرهان الذي أهّلها للحصول على حق استضافة "كأس العالم للأندية"، فإنه يمكن القول إن تنظيمها الناجح لهذا الحدث الرياضي المهمّ هو بمنزلة جواز المرور لاستقطاب أكبر الفعاليات والأحداث الرياضية العالمية وأهمها خلال السنوات والعقود المقبلة. ولا يخفى في هذا الخصوص حجم الفوائد الجمّة التي يمكن أن تجنيها دولة الإمارات عبر نجاحها في استضافة مثل تلك الفعاليات واستجلاب فعاليات جديدة، فهذا النجاح سيمثل إحدى الآليات الأكثر فعالية في الترويج للدولة في الخارج، ومستوى النهضة والازدهار الذي وصلت إليه، ومستوى الرقي الذي تتميز به العلاقات الاجتماعيّة بين الأعراق والأجناس المختلفة التي تتعايش داخل المجتمع الإماراتي من أنحاء العالم كلّه. لقد أصبحت الأحداث الرياضيّة الكبرى أحد المجالات التي تكشف عن أقدار الدول وقدراتها وما وصلت إليه من تقدّم وتنمية، ولذلك فهي تتنافس بقوة على استضافتها على أراضيها، ولاشكّ في أن أبوظبي، من خلال تنظيمها "كأس العالم للأندية"، للعام الثاني على التوالي، قد أظهرت قدراتها التنظيمية الكبيرة ونجاحها في التعامل مع الفعاليات العالمية، سواء كانت رياضية أو سياسية أو اقتصادية أو ثقافية بكفاءة كبيرة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية