في الوقت الذي يعتقد فيه العديد من الباكستانيين ألا شيء يسير في الاتجاه الصحيح في بلادهم، حيث الفيضانات والتفجيرات الانتحارية واتهامات بالفساد وغش في لعبة الكريكت الوطنية وفريقها، جاء فريق الكريكت الوطني النسائي وفوزه في دورة الألعاب الآسيوية السادسة عشرة في "غوانج جو" بالصين، ليمكن العديد من الباكستانيين من رؤية بارقة أمل وسط مشاكلهم العديدة. وقد تجاوبت الأمة مع فوز الفريق النسوي بلعبة الكريكت بفرح وفخر كبيرين، كما ظهر من التغطية الإعلامية الإيجابية الساحقة، وبيانات التهنئة من الرئيس زرداري ورئيس الوزراء جيلاني، في سياق عام يبرز تحولاً كبيراً في أسلوب التعامل مع النساء الرياضيات على المستويين الشعبي والمؤسسي. وفي حفل استقبال أقيم مؤخراً للاحتفال بالفريق، عبّر زرداري عن آماله بأن تواصل لاعبات الرياضة الباكستانيات مسيرة الإنجازات، ووصف الميدالية الذهبية التي حققنها بأنها "هدية لأمة تعبر سلسلة من الأزمات". والحال أن هذا الفوز انتشل فريق الكريكت النسوي من المجهول الذي كان يعاني منه، مقارنة مع نظيره فريق الرجال اللامع. وأكثر من هذا أن مفهوم فريق نسائي بكامله لطالما قوبل في الماضي بمقاومة شرسة، بما في ذلك ملاحقات قانونية وتهديدات بالقتل لشازيا وشارمين خان، الأختين اللتين حاولتا إنشاء الفريق عام 1996. وكانت الأختان خان وراء جهود إنشاء جمعية ضبط رياضة الكريكت النسوية في البلاد منذ ذلك التاريخ. وفي فترة لاحقة في السنة نفسها أصبحت الجمعية ملحقة بمجلس الكريكت النسائي العالمي كعضو شريك. وقد رفضت حكومة نواز شريف بشكل متكرر إعطاء موافقتها على اللعب، مدعية أن أسباباً دينية تمنع اللعب في العلن. ولكن في عام 1997 سُمِح للفريق في نهاية المطاف بأن يلعب ضد نيوزيلندا وأستراليا، وهو أول ظهور علني له في الميدان. وقد نال فريق الكريكت النسائي بالتأكيد حصته من إثارة الجدل. ففي إحدى الحالات رفض مجلس الكريكت الباكستاني، وهو المنظمة الرياضية الأساسية المعنية، حتى أخذ الفريق النسائي في الاعتبار كفريق وطني. وبعد معركة قانونية مطولة قادتها جمعية ضبط رياضة الكريكت النسوية اعترف مجلس الكريكت الباكستاني أخيراً في ديسمبر 2004 بالفريق النسائي. وقد اضطرت لاعبات الرياضة الباكستانيات أحياناً لأن يخضن معارك بعكس التيار، حيث قررت حكومة إقليم البنجاب المحلية ذات مرة، على سبيل المثال، منع جميع سباقات الماراثون النسائية. وساند أحد الزعماء الدينيين في المنطقة ذلك المنع قائلاً: "لا يحب والد أو والدة في ثقافتنا رؤية ابنته تركض في الشوارع جنباً إلى جنب مع الأولاد، وخاصة وهي تلبس السروال القصير"! والحال أن معظمنا نحن الفتيات الباكستانيات لم نستطع أثناء يفاعتنا المشاركة بشكل علني برغبتنا في الانضمام إلى أي فريق رياضي خوفاً من استهزاء زميلاتنا وسخرية نظرائنا. إلا أن نصر هؤلاء النساء قد وفر للفتيات الباكستانيات عدداً كبيراً من الخيارات لمستقبلهن. وعلى رغم فورة الإعلام وتأثر الجمهور، فقد لا تدرك هؤلاء الفتيات الذهبيات اللواتي اجتمعن معاً نتيجة لحبهن للرياضة، حجم الإنجاز والآفاق التي فتحنها أمام الباكستانيات الأخريات. وكما قالت واحدة من اللاعبات الفائزات: "لسنا الرائدات. إننا فقط نتبع خطى نساء باكستان العظيمات".