من نتائج "الأزمة المالية العالمية" التراجع الكبير في تكاليف الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية، ما أدى إلى تراجع أسعار بعض السلع والخدمات، وكان التراجع الأكبر الذي شهدته الأسواق منصبّاً على أسعار الأصول العقارية وإيجاراتها، بما فيها من وحدات سكنيّة وعقارات تجارية وصناعية. وتنطبق هذه النتيجة بالطبع على الاقتصاد الإماراتي الذي شهد منذ بداية "الأزمة المالية" تراجعاً كبيراً في أسعار كثير من السلع والخدمات في الأسواق المحلية، ما ساعد على تراجع معدل التضخم في الدولة من نحو 12 في المئة في عام 2008 إلى نحو 3 في المئة في عام 2009، وقد كانت الحركة التصحيحية الكبيرة التي شهدتها أسعار العقارات وإيجاراتها في الأسواق الإماراتية هي العامل الأكبر وراء تراجع المستويات العامة للأسعار في الإمارات، خاصة أن ارتفاعات أسعار العقارات وإيجاراتها المتوالية كانت هي السبب في نحو 40 في المئة من التضخم في الاقتصاد الإماراتي على مدار السنوات التي سبقت "الأزمة المالية"، ما يعني أن تراجع الأسعار والإيجارات بنسب تصل إلى 50 في المئة في بعض المناطق بالدولة قد ساعد على تآكل القوام الرئيسي لوقود الغلاء. ويمثّل السكان المستفيد الأول من التراجع الأخير في أسعار العقارات وإيجاراتها في الإمارات، خاصة أنهم باتوا قادرين على الحصول على الوحدات السكنية المناسبة بتكاليف أقل بكثير مما كان يتوجب عليهم دفعه منذ نحو العامين، وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن متوسط الإنفاق على السكن في دولة الإمارات كان يصل نحو 40 في المئة من ميزانية الأسرة قبل ذلك التاريخ، كما استفاد سكان الدولة أيضاً من تراجع أسعار العقارات التجارية والصناعية وإيجاراتها، التي أدّت إلى تراجع تكاليف الإنتاج في الاقتصاد الإماراتي، وبالتالي ساعدت على تخفيض أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية في الأسواق المحلية، ما صبّ عبر قناة أخرى في اتجاه تخفيف الأعباء على ميزانية الأسرة. وتشير هذه المعطيات الإيجابية في مجملها إلى أن التطوّرات التي شهدها الاقتصاد الإماراتي على مدار العامين الماضيين كانت ذات عوائد وتأثيرات إيجابية في الجوانب الاجتماعية في الدولة، حيث ساعدت هذه التطورات على تحسين مستويات معيشة السكان، فقد بات سكان الدولة بمقدورهم الحصول على ما يلزمهم من الاحتياجات الاستهلاكية بتكلفة أقل من التكلفة التي كان لزاماً عليهم تحمّلها عند الحصول على القدر نفسه من تلك الاحتياجات قبل نحو العامين، خاصة أن الاقتصاد الإماراتي قد وفّر ميزة إضافية ساعدتهم في الحصول على استفادة مضاعفة بهذا الشأن، فقد تمكّن الاقتصاد الإماراتي بفضل محافظته على النمو في ظل "الأزمة المالية العالمية" من الاحتفاظ بالرصيد نفسه من فرص العمل تقريباً، فهو لم يضطر إلى تسريح أعداد كبيرة من العاملين به خلافاً لما عرفته معظم الاقتصادات المتقدمة في العالم، وكان هذا التغيّر كفيلاً بتمكين العاملين من المحافظة على متوسط أجورهم دون تراجع يذكر، وبالتالي فقد اتسع الفارق الإيجابي لمصلحة الأجور مقارنة بتكاليف المعيشة، فازدادت مستويات المعيشة تحسّناً في الدولة.