أعجبني مقال الدكتور رضوان السيد، "المثقف والسياسي في الوطن العربي"، والذي عرض خلاله نموذج العلاقة بين صاحبي الفكر والثقافة في تجارب الحكم الثورية في بعض الجمهوريات العربية، حيث قامت العلاقة بين بعض المثقفين القوميين وبين الواصلين الجدد في حينه إلى كراسي الحكم، ومعظمهم من الضباط العسكريين الذين تبنوا الأيديولوجية القومية، على "شراكة" مختلة مالت كفتها لغير صالح المثقفين الأيديولوجيين الذين رضوا أخيراً بدور المنظر أو حتى بدور المروج لتوجهات النظام وسياساته ومواقفه. وهكذا فقد انحصر وجود المثقفين القوميين في الأجهزة الثقافية والإعلامية، وأسندت لهم بعض المناصب المتوسطة في قطاعات أخرى، لكن قلّ منهم من وصل إلى دوائر صنع القرار العليا في تلك النظم. وثمة جوانب أخرى لتلك العلاقة تناولها المقال، لاسيما أن النخبة العسكرية التي ظهرت فجأة على المسرح الأيديولوجي واختطفت زمام المبادرة من المفكرين ودفعت بهم إلى مواقع وأدوار خلفية، لم تخل تصرفاتها في هذا الخصوص من أنانية غير قليلة، ومن ثم طالما أثار سلوكها انتقاداً مكتوماً أو مبطناً من بعض المنظرين والمفكرين الذين أحسوا بالخيانة وسرقة الدور على أيدي أولئك العسكريين. حسين تامر -أبوظبي