بلغ معدل استهلاك الفرد من سكان دولة الإمارات من الطاقة نحو 10354 كيلوجراماً (معادل نفط) سنويّاً نهاية عام 2009، وفقاً لبيانات "مجلس الطاقة العالمي"، وقد احتلت الدولة نتيجة لذلك المرتبة السادسة عالميّاً والأولى خليجيّاً وفقاً لنصيب الفرد من استهلاك الطاقة، وقد بلغ متوسط استهلاك الفرد من الطاقة في دولة الإمارات ما يقرُب من ستة أمثال متوسط استهلاك الفرد من الطاقة على المستوى العالمي، والذي بلغ بدوره نحو 1787 كيلوجراماً نهاية العام نفسه. ولا يختلف الوضع كثيراً بالنسبة إلى مورد المياه في دولة الإمارات، فبالرغم من أن الدولة تصنّف ضمن الدول الواقعة تحت خط الفقر المائي، حيث يقل نصيب الفرد من الموارد المائية المتاحة فيها عن 1000 متر مكعب في السنة، فإن الاستهلاك الفعلي للفرد من هذا المورد الحيوي في الدولة يبلغ نحو 2000 متر مكعب في السنة، أي أكثر من ضعف نصيبه من الموارد المائية المتاحة بالفعل، وهو ما يضعها في المرتبة الأولى عالميّاً في هذا الشأن وفقاً لتصنيف منظمة "الأمم المتحدة"، ونتيجة لهذه الفجوة الكبيرة تضطر الدولة إلى تلبية نحو 80% من احتياجاتها المائية عبر تحلية مياه البحر، وهي الوسيلة التي ما زالت تعاني ارتفاعاً كبيراً في التكلفة، ما يضطر الدولة إلى تحمّل ميزانيات ضخمة هي في غنى عنها لتلبية هذا الطلب الذي يعاني الإسراف. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ بل يظل الوضع مرشحاً للمزيد من التفاقم، في ظل النمو المتوقع في متوسط استهلاك الطاقة والمياه في الدولة، حيث تشير البيانات إلى أن استهلاك الدولة من الطاقة ينمو بنحو 7% سنويّاً، ومن المتوقع أن ينمو بنحو 71% نهاية العقد الجاري، وفي السياق نفسه يشهد استهلاك الدولة من المياه نموّاً مطرداً ومستمرّاً، الأمر الذي يدفع إلى تراجع نصيب الفرد من الموارد المائية المتاحة في الدولة بنحو 100 متر مكعب سنويّاً. وفي ظل هذه المعطيات يكتسب ترشيد استهلاك المياه والطاقة أهمية كبيرة، ولذلك فإن الدولة تبذل جهوداً حثيثة في سبيل ترشيد استهلاكها من هذه الموارد الحيوية، من خلال تنظيم حملات توعية لدفع السكان لترشيد استهلاكهم من المياه والكهرباء وتشجيع المؤسسات الحكومية والخاصة على رفع كفاءة استخدام هذه الموارد، كما تسعى الدولة إلى الاستفادة من المستجدات العالمية في مجال ترشيد استخدام المياه والكهرباء من خلال تركيب أجهزة مطورة للتحكّم في استهلاك الطاقة في المنازل والمؤسسات الحكومية والخاصة، واستيراد أجهزة كهربائية ومنزلية ذات استهلاك اقتصادي من مصادر الطاقة. وفي هذا الإطار تخطط إمارة أبوظبي لتطبيق نظام جديد لفواتير الكهرباء والمياه مع بداية العام المقبل، بحيث لا تقتصر الفواتير على قيمة التكلفة التي يتحمّلها المستهلك المحتسبة فقط وفقاً للأسعار المخفضة بعد اقتطاع نسبة الدعم منها، بل تتضمن إلى جانب ذلك قيمة التكلفة الحقيقية التي يتمّ احتسابها وفقاً للتكلفة الحقيقية التي تتحمّلها الإمارة من أجل إنتاج كل وحدة كهرباء ومياه وتوصيلها إلى المستهلك، ومن شأن هذا النظام الجديد للفواتير أن يبرز للمستهلك حجم الدعم الذي يحصل عليه نتيجة لاستهلاكه من كلٍّ من المياه والكهرباء، وهي محاولة من قِبل الإمارة لزيادة وعي مستهلكيها بأهمية هذين الموردين الحيويين، لوضع المستهلكين في موقع المسؤولية عن هذه الموارد. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية