مستقبل هذا الوطن بالاتحاد ومنجزاته الزاهية من ثماره وما نحيا في ثناياه لا يخرج عن نطاقه، فمنذ لف هذا العقد الدولة ونحن في خير عميم. عندما يقوم البعض بسرد تفاصيل إنجازات الاتحاد خلال العقود الماضية في دولة لم يقف النماء فيها لحظة فإنما يسردون ما لا يحصره السرد ولا العد، فالتصميم والتحدي كانا جزءاً من مسيرة النشأة الأولى ولا زالا ملازمين لها حتى الآن. ولو وضعنا كل منجزات الاتحاد في كفة والاتحاد وحده في كفة أخرى لوجدنا مخرجاته هي منجزاته، فكفة الاتحاد هي التي رصت الإنجازات الأخرى حوله ليتم تشكيل الدرع الحصين لكل الوطن. فالقضية اليوم ليست مجرد احتفالية آنية، لتزول بعد الانتشاء، لأنها غدت جزءاً مما يجري في عروقنا التي اختلطت بمزيج الاتحاد، ففراقه أقرب إلى فراق الروح للبدن، فأجسامنا لا تجد الدرع الواقي من غدر الزمان إلا من خلال صرح الاتحاد العزيز. على قدر ما بذل المؤسسون الأوائل من جهود مضنية من أجل رسوخ البناء من القواعد وعلى رأسهم زايد وراشد ومكتوم والمعلا وصقر ممن أفضوا إلى رحمة الله بما قدموا من مكارم ومآثر خالدة، وآخرين من أمثالهم ماضون في ذات الطريق ممن عاهدوا الله على أن يكونوا من خيار الأسلاف في بقاء هذا الاتحاد على قوته الأولى والدفع به نحو المعالي أمام العالم أجمع، بعد أن كان محصوراً في زاوية قصية من زوايا صحراء الجزيرة العربية. ومن هنا نرى في الاتحاد إنجازاً مستقلاً والباقي مكملاً لهذا العمل الفذ الذي يثبت نجاحه ورسوخه في جذور المجتمع يوماً بعد يوم، وتستحق أيامه أن تكون فرحة لهذه المناسبة التي تحققت من خلال آمال القيادة الملتفة حول الشعب في بوتقة أذابت من بينها فروق الحاكم والمحكوم الرسمية لتتحول إلى نغمة يستمتع بسماعها الجميع بلا فواصل. فاليوم الوطني التاسع والثلاثون، يعني المزيد من الأعباء والواجبات الملقاة على كاهل كل مواطن ذاق من رحيق الاتحاد الكثير وجاء الوقت لإعادة النتائج من ذلك وإضافتها إلى رصيد الإنجازات التفصيلية التي لا يمر يوم إلا والعالم من حولنا يتحدث عنها ويسطر الشهادات تجاهها. ولكي تبقى جذوة الاتحاد متوهجة في قلوب الأجيال، فإن الدور الرئيسي يقع على كاهل التربية والتعليم وبالأخص الجانب المهم من التربية الوطنية التي يجب أن تعمق هذه المعاني في نفوس الطلبة منذ نعومة أظافرهم، وهذا لا يعني أن دور المؤسسات الأخرى أقل، بل إن ما يلقن الإنسان في صغره هو الذي يستمر في تذكره وتمثله في واقع حياة مستقبله. ولذا نطالب كل مؤسسة اتحادية أو محلية على حدة بتفعيل معاني الاتحاد من الناحية العملية من جميع جوانبها حتى تبقى حلقة التواصل بين جيل النشأة أو التأسيس والأجيال الأخرى مليئة بمعاني البدايات حيث الإرهاصات التي ولدت صرحاً حيرت إنجازاته ونجاحاته ذوات البصائر النيرة والألباب. لقد رمى الاتحاد في قوته الفعلية نظرية استحالة قيام نموذج الوحدة العربية خلف ظهره وأثبت أن الفشل في التجربة الأولى لا يعني عدم الاستمرار فيه، لأنه تقويم قائم بذاته ويحمل في طياته جميع بذور النجاح والإنجاز. لقد أثبت اتحاد دولة الإمارات أن المشروع الناجح بحاجة إلى رعاية أكبر وعناية أطول حتى يستوي على سوقه ويشهد أمام العالم بأن ما ظنه كثيرون من عاشر المستحيلات غدا واقعاً أكثر جمالاً مما خطط له، أو حلماً عابراً لآفاق الخيال، فها هو الاتحاد بكل إنجازاته يقف صادقاً وشاهداً على أن زمن العولمة بحاجة إلى "الاتحادات" أكثر من "المفردات" التي تستعصي على أن يجمعها عِقد واحد أو عصْر متحد.