دبلوماسية البوارج للتعامل مع كوريا الشمالية...والاقتصاد الأوروبي في خطر أصداء التوتر العسكري في شبه الجزيرة الكورية، وحدود الأزمة المالية في إسبانيا، ونتائج إيجابية في قمة لشبونة... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "دبلوماسية البوارج" خصصت "كريستيان ساينس مونيتور"افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي، لرصد أصداء التوتر الأخير في شبه الجزيرة الكورية. فتحت عنوان "أوباما يستخدم دبلوماسية البوارج في التعامل مع كوريا الشمالية والصين"، أشارت الصحيفة إلى أنه بعد هجوم كوريا الشمالية على جزيرة كورية جنوبية، أرسل أوباما حاملة طائرات إلى البحر الأصفر، وهذا أمر يزعج الصين، التي قد تكون المقصودة من هذا الإجراء، حيث تريد واشنطن من بكين كبح جماح بيونج يانج الحليف المدلل للصين. أوباما- حسب الصحيفة- اتخذ خطوة استراتيجية بارعة، عندما رد على التصعيد الكوري الشمالي، بزيادة الوجود البحري الأميركي في المنطقة، وهذه خطوة لا تستهدف كوريا الشمالية فقط، بل تطال حليفتها الأقرب الصين. حاملة الطائرات الأميركية "يو. إس. إس. جورج واشنطن" التي توجهت إلى البحر الأصفر ستكون قريبة من السواحل الغربية لكوريا الشمالية، وفي منطقة تثار حولها مزاعم صينية. ومن المفترض أن يتم إجراء مناورات مشتركة بين القوات الأميركية والكورية الجنوبية في تلك المنطقة، وهذا يعني أن أوباما يغامر بمواجهة مباشرة مع الصين، علماً بأن مسؤولين في الجيش الصيني حذروا الولايات المتحدة بألا ترسل سفناً أو طائرات إلى البحر الأصفر، ووعدوا بردود فعل مالية. وحسب الصحيفة فإن التهديد الصيني المتمثل في بيع 750 مليار دولار من الديون الأميركية لا يمكن الاستخفاف به، والأخطر من ذلك أن المغامرة بحرب كورية أخرى، سيفاقم من حجم الخطر الذي قد ينجم عن تصدير كوريا الشمالية لتقنيات ومواد نووية إلى الشرق الأوسط. وتشير الصحيفة إلى أنه بعد التصعيد العسكري الكوري الشمالي، اضطرت واشنطن إلى ممارسة دبلوماسية عتيقة هي "دبلوماسية البوارج". ويبدو أنه ليس أمام أوباما خيارات أخرى لتغيير سلوك بيونج يانج باستثناء الضغط على الصين كي تتحرك وتؤثر على كوريا الشمالية، ففي الماضي، علقت بكين مساعداتها مؤقتاً لبيونج يانج بعد هجمات عنيفة شنتها الأخيرة على جارتها الجنوبية، لكن خلال الآونة الأخيرة، تفضل الصين الصمت، وهذا ما حدث بعيد إغراق السفينة الكورية الجنوبية في مارس الماضي بواسطة طوربيد كوري شمالي. الصين تشعر الآن أنها أقوى بسبب تراجع الاقتصاد الأميركي، ما أدى إلى ضعف هيمنة المستهلكين الأميركيين على أسواق صادرات البلدان الأخرى، كما أن الاقتصاد الصيني تجاوز نظيره الياباني، ليصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة...وتستنتج الصحيفة أن سياسة العصا الغليظة التي ينتهجها أوباما الآن تعكس افتقار الولايات المتحدة للقدرة على استخدام "دبلوماسية الدولار"...أو توظيف اقتصادها الضخم من أجل تشكيل اتجاهات عالمية. كما أن تردد أوباما في معاقبة الصين على خفضها لعملتها، يكشف ضعف واشنطن في التصدي لمحاولات الصين الرامية إلى الحد من الهيمنة الأميركية. "اليورو في خطر" في تقريره المنشور في "نيويورك تايمز" يوم الأربعاء الماضي، وتحت عنوان "الخوف يتنامى في إسبانيا واليورو يواجه مخاطر"، أشار"رافيل مندر" إلى أن أوروبا نجت- حتى الآن- من الأزمة اليونانية، كما أن إنقاذ أيرلندا من ورطتها المالية أمر يمكن إدارته، كما أن البرتغال أصبحت ثالث بلد أوروبي يعاني، ومع ذلك يتوقع كثيرون أنه من غير المحتمل أن تصبح القارة العجوز على حافة هاوية مالية. لكن أي خطة للإنقاذ المالي في إسبانيا- الذي يبلع حجم اقتصادها حجم الاقتصاديات الثلاثة مجتمعة- ستؤثر على قدرة البلدان الأقوى في القارة العجوز على مساعدات البلدان الأضعف والمتضررة اقتصادياً، وربما يسفر عن مشكلات كبيرة للعملة الأوروبية الموحدة"اليورو"...ومن ناحية أخرى، فإنه إذا كانت إسبانيا وإيرلندا قد وضعتا خطة للتقشف كي تتجنبا وضع سياسة للإنقاذ المالي، فإنهما لا يزالان بحاجة إلى المساعدات، خاصة في حال فشل نظاميهما البنكي بدرجة تفوق توقعات حكومتي البلدين...التقرير نقل تصريحات لوزيرة المالية الإسبانية مفادها أن بلادها ليست في حاجة إلى إنقاذ مالي، وأن إسبانيا في أفضل وضعية لمقاومة هجمات المضاربين. وفي الواقع- يقول التقرير- إن أهم مصادر القوة النسبية للاقتصاد الإسباني تكمن في أن الجزء الأكبر من ديونه الحكومية البالغ قيمتها 203.3 مليار "يورو" مستحقة لبنوك إسبانية وليس لدائنين أجانب. وحتى إذا ازدادت حالة الاقتصاد الإسباني سوءاً، فلدى هذه البنوك حوافز كبيرة لتخفيف شروط السداد بطريقة أسهل بكثير من نظيرتها الأجنبية. وربما ينطوي ذلك على مخاطر، تجعل من دعم البنوك الإسبانية للحكومة سلاحاً ذا حدين، فقد تضطر البنوك عند مساعدتها الحكومة، إلى "بلع" بعض الخسائر، ما قد يضرر بموازناتها المالية. تقدم في لشبونة خصصت "واشنطن بوست" افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، لرصد المستجدات الأخيرة في سياسة حلف شمال الأطلسي. الصحيفة نوهت إلى أن الحرب في أفغانستان، تهدد بكسر تحالف "الناتو"، وذلك بغض النظر عن النتائج التي قد تتمخض عنها هذه الحرب...ذلك لأن القرار التاريخي الذي اتخذه الحلف والمتمثل في القيام بمهمة صعبة خارج حدود أوروبا، وتحديداً داخل أفغانستان، حيث جلبت تلك المهمة على الحلف انتقادات وكشفت نقاط ضعف يصعب علاجها، كرفض كثير من الحكومات الأوروبية إرسال قواتها للمشاركة في العمليات العسكرية داخل أفغانستان، بسبب الافتقار إلى مروحيات وعربات مصفحة أو افتقارها إلى إمكانيات تؤهلها للتدريب على عمليات مكافحة التمرد، وثمة اثنان من البلدان التي لديها قوات مقاتلة في أفغانستان، هولندا وكندا، قد قررا انسحاباً مبكراً أو سابق لأوانه من الساحة الأفغانية، مقارنة بالموعد الذي حدده الحلف لإنهاء العمليات العسكرية داخل الساحة الأفغانية. وتجدر الإشارة إلى أن قمة لشبونة التي انعقدت الأسبوع الماضي في البرتغال كانت مشجعة، فجميع الدول الأعضاء- إضافة إلى 20 دولة أخرى ممن شاركت في القوة الدولية بأفغانستان- وقعت على خطة تقضي بمواصلة المهمة في أفغانستان حتى عام 2014 على الأقل، ووضع هدفاً يتمثل في نقل المسؤولية الأمنية إلى العناصر الأمنية الأفغانية بحلول 2014، لذا سيُطلب من القوات الأميركية وبعض القوات الغربية البقاء من أجل تدريب الأفغان. وتشير الصحيفة إلى وجود دلالات تؤكد التزام الحلف بمهمته الأفغانية، منها أن الكنديين قرروا توفير بعض المدربين حتى بعد أن يبدؤوا سحب قواتهم من أفغانستان (المقرر في 2011). المطلوب خلال السنوات المقبلة مزيداً من المدربين، وعلى حكومات البلدان المنضوية في عضوية "الناتو"، والذين يقاومون أو يرفضون إرسال قواتهم للانخراط في مهام عسكرية، أو ليست لديهم الجاهزية الكافية للقيام بتلك الخطوة، إعادة النظر في موقفهم. تجربة الحلف على الساحة الأفغانية تثير- على حد قول الصحيفة- تساؤلات حول ما إذا كان يتعين على "الناتو" القيام بمهام خارج أراضي أعضائه؟ وثمة نتيجة توصل إليها الحلف أثناء قمة "لشبونة" تكمن في تطوير استراتيجية جديدة تلزم التحالف بالحفاظ على إمكانية قيامه بمهام استثنائية. وحتى في ظل الأزمة المالية التي أجبرت حكومات أوروبية على تخفيض ميزانياتها الدفاعية، مثلما جرى في بريطانيا- فإنه بمقدور الحكومات الأوروبية تحديث قواتها وتجهيزها من أجل الانخراط في مهام خارجية حتى في ظل تقليص الميزانيات المالية. وقدمت الحكومات الأوروبية تطمينات للولايات المتحدة مفادها أنه إذا كان يتعين عليها في المستقبل تحمل أعباء حروب كتلك الدائرة في أفغانستان، فإنها ليست في حاجة إلى التصرف بمفردها. إعداد: طه حسيب