يعيش الاقتصاد الإماراتي حالياً حالة من الاستقرار لم يشهدها منذ بداية "الأزمة المالية العالمية"، وهو يتحرك يوماً بعد يوم خطوة جديدة في اتجاه التخلص من التداعيات السلبية لهذه الأزمة، والتي ما زالت تلقي بظلالها على العديد من الاقتصادات حول العالم، وقد انعكست هذه الحالة من الاستقرار على العديد من المتغيّرات والقطاعات الاقتصادية في الدولة، بداية بتحسن مؤشرات المالية العامة للدولة مع تمكّن إمارة دبي من هيكلة ديون شركاتها والوفاء بجزء مهم من هذه المستحقات، وكذلك تحسّن مؤشرات التجارة الخارجية للدولة ونموها بما يفوق الـ10 في المئة خلال الشهور الماضية من العام الجاري مقارنة بمستواها خلال الفترة نفسها من العام المنصرم، بالإضافة إلى التحسّن الملحوظ في نشاط القطاع السياحي في الدولة، والذي ظهرت بوادره في نمو عدد السائحين الوافدين إلى الدولة بمعدلات تصل 16في المئة في بعض مناطق الدولة. وفوق هذا وذاك، فقد تمكّنت دولة الإمارات من المحافظة على مرتبتها المتقدمة على المستوى العالمي وفقاً لمؤشر ثقة المستهلكين خلال الربع الثالث من عام 2010، حيث احتلت المرتبة الرابعة عشرة عالمياً من بين 53 دولة وفقاً لـ"مؤشر نيلسون لثقة المستهلكين"، الذي يصدر عن مضمون التقرير الدوري لمؤسسة "نيلسون للأبحاث". ويأتي تقويم "مؤسسة نيلسون" للاقتصاد الإماراتي متطابقاً بل وتأكيداً للتقويم الذي أصدرته "مؤسسة بيت دوت كوم" في الإطار نفسه خلال الفترة الأخيرة، والذي أشار إلى أن ثقة المستهلكين في الاقتصاد الإماراتي تشهد تحسناً ملحوظاً في الوقت الحالي. ويدل مجمل هذه المؤشرات وتتابع تقويماتها الإيجابية لأداء الاقتصاد الإماراتي على أنه يشهد تحسناً ملحوظاً خلال المرحلة الراهنة، وأنه يقطع يوماً بعد يوم خطوات جديدة على طريق التعافي من آثار "الأزمة المالية العالمية"، بل إنه بات يتمتع بقدرة ذاتية على الحركة، دون انتظار تعافي الاقتصاد العالمي من آثار الأزمة، وأنه اقترب كثيراً من قطع الشوط الأخير في مسيرة التعافي، ويمكن الاستدلال على ذلك بتتبع وتيرة تغيّر عدد من المؤشرات الاقتصادية المهمة، مثل الإنفاق الاستهلاكي في الاقتصاد الإماراتي، وهو ذلك النوع من الإنفاق الذي يمثل المحرك الرئيسي والمحوري لعجلة النمو الاقتصادي، ليس فقط في الاقتصاد الإماراتي بل في جميع الاقتصادات حول العالم. وقد شهد هذا النوع من الإنفاق في دولة الإمارات نمواً بنحو 9 في المئة خلال الربع الثالث من العام الجاري مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي. ويضاف إلى ذلك مستوى الجاذبية والثقة اللتين بات الاقتصاد الإماراتي يتمتع بهما لدى المستثمرين، وقد شهدا تحسناً ملحوظاً خلال الفترة الماضية، حيث سجلت دولة الإمارات على مدار الأشهر الأخيرة أعلى معدل ارتفاع شهري في مؤشر ثقة المستثمرين بالاقتصاد بين دول الخليج العربية أجمع، وفقاً لمؤشر "شعاع كابيتال لثقة المستثمرين في الاقتصاد". ويعني ذلك أن انطباعات المستثمرين وتوقعاتهم المستقبلية بشأن الاقتصاد الإماراتي باتت على قدر كبير من التفاؤل، وهو ما سيكون له أثر إيجابي كبير بدوره على مجمل الأداء الاقتصادي في الدولة خلال الفترة المقبلة، حيث سيكون المستثمرون أكثر إقبالاً على الاستثمار عبر الإنفاق والتوسّع في المشروعات القائمة وإنشاء المشروعات الجديدة في الدولة، ليتخذ الإنفاق الاستثماري دوره الحيوي أيضاً إلى جانب الإنفاق الاستهلاكي المتنامي في تحريك عجلة النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.