تمثل زيارة الدولة التي تقوم بها جلالة الملكة إليزابيث الثانية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الأسبوع الجاري لحظة مهمة في العلاقات الثنائية بين بلدينا. وتعبّر هذه الزيارة عن الأهمية التي توليها الحكومة البريطانية لعلاقاتنا، وتمثل فرصة للتأمل في نمو هذه العلاقات بين بلدينا منذ الزيارة السابقة التي قامت بها جلالتها عام 1979. ترتبط المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة بتاريخ حافل مشترك يعود إلى ما قبل 200 عام. ونحن شريكان طبيعيان نتعاون تعاوناً وثيقاً في مجالات السياسة والأمن. وتحتل العلاقات التجارية أهمية كبيرة بالنسبة لكلا البلدين، تماماً كالروابط التعليمية والثقافية الكثيرة بيننا. وهنالك ما يفوق 100 ألف من المواطنين البريطانيين يعيشون ويعملون ويدرسون في الإمارات - وهذا يفوق نصف عدد البريطانيين الذين يعيشون في منطقة الخليج ككل. وقد ساعد المواطنون البريطانيون في دفع عجلة النمو في الإمارات منذ مرحلة ما قبل استقلالها، وهم يمثلون جزءاً من قصة نجاحها الرائعة. وبينما تقترب دولة الإمارات من الاحتفال بالذكرى التاسعة والثلاثين لولادة اتحادها، نشهد مشاركة الشركات والأفراد البريطانيين في العديد من المشاريع الكبرى التي تساهم في تحديد معالم الإمارات اليوم - من برج خليفة وحتى حلبة مرسى ياس، وتتسم العلاقات التي تربطنا بالنشاط والحيوية، وتعم بفائدتها على شعبينا. وتسعى الحكومة الائتلافية الجديدة في بريطانيا إلى تكثيف هذه العلاقات في كافة المجالات، السياسية والتجارية والتعليمية والصحية والثقافية، وكذلك الدفاعية في بعض الحالات، وذلك في سياق الدفع تجاه الارتقاء بالروابط القائمة بيننا وبين كافة شركائنا المهمين في منطقة الخليج. وبالتالي فإن أحد أول الإجراءات التي اتخذناها في مجال السياسة الخارجية هو تشكيل فريق مهمات جديد مع الإمارات العربية المتحدة لتدارس سبل جديدة لإطلاق الإمكانات الكامنة في العلاقات التي تربط بلدينا. ونتيجة للجهود التي بُذلت حتى الآن، وتعبيراً عن النوايا المستقبلية، سوف أوقع خلال هذه الزيارة مع وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد إعلاناً لتأكيد معاهدة الصداقة بين المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة المبرمة عام 1979. ومن المجالات الأساسية التي سوف نركز اهتمامنا عليها التجارة والاستثمار بين بلدينا. فقد التزمت حكومتانا بهدف طموح غايته زيادة حجم التجارة المتبادلة بيننا من 7.5 مليار إلى 12 مليار جنيه استرليني سنوياً بحلول عام 2015. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن هناك ما يفوق 4000 شركة بريطانية لها أعمال في الإمارات، وسوف يساهم مشروع "بوابة لندن"، الذي تديره شركة موانئ دبي العالمية في خلق 36 ألف وظيفة جديدة في المملكة المتحدة. كما ساعد فريق الهيئة البريطانية للتجارة والاستثمار ما يفوق 2000 شركة بريطانية خلال العام الماضي لتدارس خيارات الأعمال في الإمارات العربية المتحدة. وبالتالي فإننا نبني أسساً قوية للعلاقات التجارية بين بلدينا. ونعمل كذلك على رفع درجة التواصل بيننا حول شؤون وقضايا السياسة الخارجية، بما فيها القضايا المتعلقة بحظر انتشار الأسلحة النووية والأوضاع في كل من أفغانستان واليمن. وتجري القوات العسكرية البريطانية والإماراتية تدريبات عسكرية مشتركة دورية، وتتعاون جنباً إلى جنب في أفغانستان، وتتشارك في قيادة فرق المهام البحرية في منطقة الخليج. كما أن العديد من كبار القادة العسكريين والسياسيين الإماراتيين يدرسون في الكليات العسكرية في المملكة المتحدة، وهناك الكثير من العسكريين البريطانيين السابقين يعملون في الإمارات. وسوف يلتقي صاحب السمو الملكي دوق إدنبرة بالعديد من خريجي هذه الكليات خلال زيارته للاستماع لتجاربهم ونطاق التعاون مستقبلاً. كما أننا نريد زيادة حجم التعاون بين بلدينا في مجال أمن الطاقة. حيث تشارك شركات بريطانية منذ البداية في تطوير قطاع النفط والغاز في الإمارات. ونحن نأمل أن تستمر مشاركتها تلك لعقود طويلة قادمة. ونتعاون كذلك تعاوناً وثيقاً في مجال الطاقة المتجددة من خلال مشروع "مصدر" واستثمار الإمارات في مشروع مزرعة الرياح البحرية لتوليد الطاقة. كما نعمل معاً على تطوير قدراتنا في مجال الطاقة النووية، ويسعدني أنني سوف أوقع اتفاقية التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية خلال هذه الزيارة. ويستند برنامج الطاقة النووية للاستخدامات السلمية في الإمارات العربية المتحدة إلى الشفافية والتعاون الدولي، وهو نموذج نشجع دولاً أخرى في الشرق الأوسط على أن تضاهيه. والتعليم مجال آخر تزرع فيه الروابط القائمة بذور العلاقات المستقبلية بين بلدينا. فهناك مؤسسات تعليمية بريطانية عالمية المستوى مثل "إمبريال كوليدج لندن" وكلية لندن للأعمال تقدم خدماتها في الإمارات منذ عام 2009، كما درس في المملكة المتحدة ما يفوق 2800 طالب من الإمارات، بزيادة قدرها 16في المئة عن العام الذي سبقه. وقام المجلس الثقافي البريطاني خلال العام الماضي بتدريس ما يربو على 11ألفاً من دارسي اللغة الإنجليزية في الإمارات، وأشرف على ما يفوق 80 ألف اختبار للحصول على مؤهلات معترف بها عالمياً. ونحن نتطلع إلى زيادة حجم التعاون بيننا في هذا المجال. وسوف تفتتح جلالة الملكة يوم غد مشروع بناء متحف الشيخ زايد في أبوظبي. ويسعدني أن بناء هذا المتحف، الذي يحتفل بمراحل النمو في الإمارات العربية المتحدة، يتم بالتعاون مع كل من شركة "فوستر أند بارتنرز" والمتحف البريطاني. ويعتبر تنفيذ المشروع، الذي يحتفل بالنجاحات التي حققتها الإمارات، بالتعاون مع شركاء بريطانيين أمراً في محله. فنحن نرغب في أن تنظر الإمارات إلى المملكة المتحدة على أنها أحد أقرب حلفائها وشريكها الدولي المفضل، والبناء على الروابط القائمة بيننا، والتي ساهمت كثيراً في إثراء حياة شعبينا. وبالتالي بينما نحن نحتفي بالروابط بين بلدينا في هذا الأسبوع خلال زيارة الدولة التي تقوم بها جلالة الملكة، فبإمكاننا التطلع نحو مستقبل علاقاتنا بكل تفاؤل وثقة. ويليام هيج وزير الخارجية البريطاني