إعادة "اختراع" الناتو...و"الجمهوريون" يعرقلون"ستارت الجديدة" هل تؤكد قمة لشبونة أهداف جديدة لحلف شمال الأطلسي؟ ولماذا يعرقل بعض المشرعين "الجمهوريين" التصديق على معاهدة "ستارت الجديدة المعنية بضبط التسلح الأميركي والروسي؟ وما السبب الرئيسي وراء تأجيل التصديق النهائي على اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء، ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "الناتو" يبحث عن أهدافه في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان "الناتو يحاول إعادة اكتشاف نفسه في قمة لشبونة"، توصلت "كريستيان ساينس مونيتور" إلى قناعة مفادها أن حلف شمال الأطلسي سيقر خلال قمته في لشبونة التي بدأت أمس خطة للسنوات العشر المقبلة، ذلك لأن رؤية الحلف الاستراتيجية قد تجاوزتها الأحداث وتقادمت. الصحيفة تساءلت أيضاً، إذا كان الحلف سيعاني من التخفيضات التي أجريت على الميزانيات الدفاعية لأعضائه؟ الصحيفة توقعت أن يلتف أعضاء "الناتو" الـ28 حول رؤية استراتيجية جديدة في لشبونة، فالتهديدات التي يواجهها الحلف، قد تغيرت بصورة دراماتيكية، ما يعني النسخة الأولى لـ"الناتو"، التي ظهر بها منذ أربعين عاماً بدت غير ذات صلة بتلك التهديدات. ومن دون التهديد السوفييتي، يُثار تساؤل مؤداه: ما جدوى أسلحة الحلف الموجهة صوب "الشرق"؟ وترى الصحيفة أن الحلف في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، (أو في نسخته الثانية) يعيد اكتشاف أهدافه التي باتت تعزيز السلام في البلدان الديمقراطية بشرق أوروبا، وحل أزمات البلقان، والدخول في ميدان حرب طويلة الأمد في أفغانستان... الآن يعيد "الناتو" اكتشاف نفسه، مرة ثانية حيث المهمة الأولى للحلف هي التعاون الدفاعي المتبادل بين الكنديين والأميركيين والأوروبيين، فأي هجوم على أي طرف منهم يعد هجوماً على جميع أعضاء الحلف. وتشير الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن يلزم "الناتو" الجديد نفسه بتحديث أهدافه لمواجهة التهديدات الجديدة، وهي لا تنحصر فقط في الإرهاب الدولي، بل أيضاً في هجمات قد تطال الفضاء الإلكتروني (الإنترنت) ومصادر الطاقة. ومن الملاحظ أن لدى "الناتو" جاهزية لتفعيل الدرع الصاروخية لحماية أعضائه من هجمات محتملة بالصواريخ البالستية، علماً بأن التقنيات الخاصة بهذه الصواريخ متوفرة لدى أكثر من 30 دولة، بما فيها إيران، التي استعرضت عضلاتها قبيل قمة لشبونة وجربت نظام دفاع جوي جديد، ووصفت صناع القرار في "الناتو" بأنهم "متخلفين سياسياً". وبالنسبة للساحة الأفغانية، استبقت الصحيفة مخرجات قمة لشبونة، وتوقعت أن يقر أعضاء الحلف عام 2014 موعداً لتسليم المهام الأمنية للأفغان. "حزب الأمن القومي" تحت عنوان "حزب للأمن القومي"، نشرت "نيويورك تايمز" يوم الأربعاء الماضي افتتاحية رأت خلالها أن البلدان الطامحة في دخول المعسكر النووي يجب أن تتوجه بالشكر إلى السيناتور "جون كييل"، فبعد شهور من المفاوضات مع البيت الأبيض، قرر منع مجلس الشيوخ- الذي تصفه الصحيفة بالبطة العرجاء- من التصديق على معاهدة "ستارت الجديدة" المعنية بضبط التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا. هذه المعاهدة مهمة جداً لأمن أميركا القومي، ومعارضة السيناتور "كييل" لها، وهو موقف يتبناه الساسة "الجمهوريون" ليس لها من توضيح سوى محاولة حرمان أوباما من أي نجاح على المستوى التشريعي، وهذا الموقف تبنته أيضاً، "لوس أنجلوس تايمز" في افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، وحسب "نيويورك تايمز" يزعم "الجمهوريون" أنهم حزب للأمن القومي، لكن ثمة أمل في أن يقرر بقية الأعضاء "الجمهوريين" في مجلس الشيوخ أن مصالح أميركا الأمنية يجب ألا تصبح عرضة للمغامرات السياسية. هذه المعاهدة هي الأولى من نوعها مع روسيا منذ عقد كامل، وتتضمن دعوة الطرفين لتقليص عدد الرؤوس الحربية لتصبح 1550بدلاً من 2200 رأس، والأهم من ذلك كونها تتضمن وسائل للتأكد والتحقيق والتفتيش، وتبادل المعلومات المتعلقة بالترسانتين الأميركية والروسية. وإذا تعثرت المعاهدة، فإن ذلك سيلحق الضرر بمصداقية الولايات المتحدة، خاصة أن أوباما يحقق تقدما في حشد دعم كثير من الدول، بما فيها روسيا- للضغط على إيران في ما يتعلق ببرنامجها النووي. السيناتور "الجمهوري" يرى أنه لا يوجد وقت كافٍ خلال هذا الموسم، لا سيما أن ثمة مسائل وبنود معقدة وغير محسومة في تلك المعاهدة التي يُراد تحديثها. لكن "كييل" لم يذكر أن لدى مجلس الشيوخ 21 موجزاً لجلسات استماع حول المعاهدة، وهذا يكفي للتصديق على الاتفاقية من قبل وزير الدفاع الأميركي وكبار المسؤولين العسكريين، وعدد من وزراء الخارجية والدفاع السابقين، وعدد من العسكريين المعنيين بالأسلحة النووية. كما أن أوباما وعد بتقديم تمويل قدره 84 مليار دولار، خلال السنوات العشر المقبلة، لتحديث المجمع النووي العسكري والترسانة النووية الأميركية. وفي الموضوع ذاته، نشرت "كريستيان ساينس مونيتور"، يوم الاثنين الماضي افتتاحية، حذرت خلالها من أن الفشل في التصديق على المعاهدة، سيؤثر سلباً على العلاقات الأميركية- الروسية، وسيلحق الضرر بقضايا أخرى بين البلدين تتعلق بالتسلح، وتتطلب اهتماماً، كالأسلحة النووية التقليدية وقصيرة المدى، كما أن فشل المعاهدة سوفر حال وقوعه، سبباً لرئيس الوزراء الروسي، كي يذم الغرب ويشوه صورته. والاعتبار الأهم أنه من دون المعاهدة لن يكون بمقدور الولايات المتحدة التفتيش على السلاح النووي الروسي، وهذا تحديداً سبب كاف للتصديق عليها. انتكاسة "تجارية" في افتتاحيتها ليوم الأربعاء الماضي، وتحت عنوان "انتكاسة لاتفاقية التجارة الحرة التي ينوي أوباما تفعيلها مع كوريا الجنوبية"، استنتجت "واشنطن بوست" أنه يمكن القول لمن يؤمنون بحرية التجارة ودورها في مواجهة الركود العالمي، وتجهيز الاقتصاد الأميركي، لمستقبل أكثر تنافسية إن جولة أوباما الآسيوية كانت مخيبة للآمال. هذا الاستنتاج ينطبق على المفاوضات التي تسفر عن موافقة تدفع نحو تفعيل اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، التي كان من المفترض توقيعها في يونيو 2009. وعلى الرغم من أن البلدين يصران على مواصلة الحوار بشأن الاتفاقية، فإنه ليس هناك من يستطيع تخمين الموعد الذي سيجيز فيه الكونجرس الأميركي أو الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية هذه الاتفاقية التي استكملت إدارة بوش تفاصيلها في منتصف عام 2007. الصحيفة ترى أن عدم إجازة الاتفاقية انتكاسة ساهم فيها دعاة الحمائية في كوريا الجنوبية، ممن بالغوا في حشد الرأي العام منذ مدة طويلة ضد مرض جنون البقر. الاتفاقية تضمن تخفيضاً مرحلياً يستغرق ثلاث سنوات، يصل إلى 95 في المئة على تجارة السلع الاستهلاكية والمنتجات الصناعية بين البلدين، وهو ما قوبل بترحيب من غالبية رجال الأعمال الأميركيين، كما أن الاتفاقية ستساعد البلدين على تحقيق النمو الاقتصادي.غير أن "ديمقراطيي" الكونجرس عرقلوا الاتفاقية، معتبرين إياها خطوة قد تفقد الأميركيين وظائفهم، علماً بأن أوباما أثناء حملته الرئاسية قد رفض الاتفاقية ووصفها بـ"المعيبة"، لكنه غير موقفه قبل شهور، وأعلن أنه يفضل المضي قدماً في نسخة معدلة من هذه الاتفاقية. وتشير الصحيفة إلى أن الإدارة الأميركية تبذل جهوداً لتعديل بعض البنود الخاصة بصناعة السيارات، وذلك لسبب بسيط، يتمثل في واقعية سياسية تتمثل في أن دعم قطاع السيارات كان نتاج توافق داخل الكونجرس، وتأمل الصحيفة في تمرير الاتفاق بحيث يحظى بدعم غالبية رجال الأعمال والعمال في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. إعداد: طه حسيب