لطالما أثارت النمور الإعجاب والخوف في المخيلة البشرية، حيث أصبحت رموزاً للطبيعة غير المروَّضة، "جمالُها المخيف"، حسب تعبير الشاعر البريطاني ويليام بلايك، يُلهم كل شيء من الفنون إلى الإعلانات. غير أن النمور في البرية باتت على وشك الانقراض اليوم. فقبل حوالي قرن من الزمان، كان حوالي 100 ألف نمر يعيش في البرية عبر معظم آسيا؛ غير أن 100 عام من الصيد البشري المفرط لفرائس النمور مثل الغزال والخنزير البري، ومن الصيد غير القانوني نتيجة الطلب على جلود النمور وأجزاء أخرى من أجسامها كانت كارثية. ونتيجة لذلك، لم يبق في العالم اليوم سوى حوالي 3200 نمر، تعيش في 7 في المئة فقط من موطنها الطبيعي الأصلي. وبينما تشارف "سنة النمر" نهايتها حسب التقويم القمري الصيني، يجتمع زعماء العالم في سانت بطرسبرج في وقت لاحق من هذا الشهر من أجل حدث غير مسبوق: قمة حول النمر يستضيفها رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتن، تعقد من أجل هدف واحد هو إنقاذ هذا النوع من الانقراض؛ حيث سيسعى رؤساء الحكومات - إدراكا منهم لحقيقة أن الموارد المحدودة المسخرة للحفاظ على النمر لم تبطئ وتيرة تقلص الغابات ولم تردع العصابات الإجرامية التي تتاجر في أطراف الحيوانات - إلى مضاعفة عدد النمور في البرية بحلول 2022 (عام النمر التالي). وقد وافقت البلدان الآسيوية الثلاثة عشر التي يوجد فيها النمر مبدئيا على هذا الهدف. غير أن النوايا الحسنة لا تكفي. ولذلك، فإن "البرنامج العالمي لاسترجاع النمور" الذي تقترحه هذه البلدان، بكلفة 350 مليون دولار، ويمتد على خمس سنوات، سيحارب تقلص مساحة الغابات والصيد غير القانوني والاتجار في أطراف النمر. ومن المرتقب أن يأتي التمويل من مصادر حكومية وخاصة، ونحن ملتزمان شخصياً بجمع التبرعات لدعم هذه الجهود. كما تساهم منظمات متعددة الأطراف مثل البنك الدولي في هذا الجهد، حيث تقوم بتمويل مفاوضات ما قبل المؤتمر في نيبال وتايلاند وإندونيسيا. غير أن ثمة بلداً خارج آسيا يعد تعاونه أساسياً وحاسماً: إنه الولايات المتحدة. بالطبع، ليس لدى الولايات المتحدة نمور برية. فقطتنا الكبيرة متحركة في الأفلام الكرتونية، أو تسوِّق لنا حبوب الفطور في الإعلانات، أو تحدق فينا من أقفاص حدائق الحيوانات. فلماذا علينا أن نهتم بالأمر؟ لأن الحفاظ على النمور يمثل وسيلة قوية ومقنعة ورخيصة للحفاظ على الكثير مما هو أساسي للحياة على كوكب الأرض. فالنمر هو ما يسميه المختصون حيوانا/"مظلة"؛ إذ بإنقاذنا له، ننقذ كل ما يقع تحت مظلته الإيكولوجية - لأن كل شيء مرتبط به - مثل آخر الغابات الكبيرة في العالم التي تساهم قدرتها على امتصاص الكربون في التخفيف من تغير المناخ. وعلى سبيل المثال، فإن غابات إندونيسيا، التي تعد موطنا لنمر سومطرة، تضم 36 في المئة من خزانات الكربون المدارية في العالم. وبالتالي، فإذا قمنا بحماية النمور عبر وقف تقلص مساحة الغابات، فإننا سننقذ في الوقت نفسه خزن غازات الكربون الذي تتيحه هذه الغابات. ولكن، ما الذي تستطيع إدارة أوباما أن تفعله؟ الواقع أن الولايات المتحدة لعبت دوراً قيادياً في ما يتعلق بالحفاظ على النمر، حيث وفرت التمويل الأساسي لجهود محاربة الصيد غير القانوني عبر القارة الآسيوية ولوَّحت بالعقوبات لإقناع بلدان مثل الصين وكوريا الجنوبية بحظر تجارة النمور؛ غير أن القمة المقبلة لن تنجح بدون دعم أميركي - مالي وسياسي. ولذلك، يتعين على واشنطن أن تؤشر على التزامها عبر إرسال أكبر دبلوماسييها إلى سانت بيترسبرج: وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. صحيح أن تحديات كبيرة وطارئة مثل الحرب في أفغانستان والسلام في الشرق لأوسط تهيمن على اهتمام كلينتون هذه الأيام، ولكن العصابات الإجرامية التي تهيمن على قطاع الاتجار في الحياة البرية بمليارات الدولارات تتطلب بعض الاهتمام من جانبها أيضا. ومما لا شك فيه أنه إذا جلست كلينتون إلى جانب رؤساء حكومات ودبلوماسيين رفيعين آخرين من 13 دولة تعيش فيها النمور في سانت بيترسبرج، فإن إدارة أوباما ستُظهر زعامة بيئية عالمية. والواقع أن الحفاظ على النمور يمكن أن يحدث أيضاً في الولايات المتحدة؛ ذلك أن هذه الأخيرة لديها من النمور التي تعيش في الأسر ضعف ما هو موجود في البرية عبر العالم تقريبا – نمور نائمة في الحدائق الخلفية للمنازل الأميركية، وفي منشآت التكاثر الخاصة، وفي حدائق الحيوانات من نيويورك إلى تكساس. ولذلك، فإننا في حاجة إلى وكالة فيدرالية لمراقبة هذه "الحيوانات الأليفة" والحرص على ألا تجد طريقَها إلى السوق السوداء الخاصة بمنتجات الحياة البرية نفسها التي تقتل النمور البرية عبر العالم. ويمكنا أن نسد الثغرات القانونية في "قانون الأنواع المعرضة لخطر الانقراض" و"قانون رعاية الحيوانات"، ومنح وكالات مثل "مصلحة الأسماك والحياة البرية" ووزارة الزراعة الدعم المالي، الذي تحتاجه من أجل فرض تطبيق قوانين حماية الحيوانات بقوة. إن النمور البرية تقف في مفترق طرق بين الانقراض والاستمرار؛ وإذا لم نفعل شيئاً، فإن الأعين "البراقة الحارقة" التي ألهمت كثيراً الشاعر البريطاني "ويليام بلايك" ستنطفئ إلى الأبد. ليوناردو ديكابريو ممثل وناشط بيئي كارتر روبرتس رئيس صندوق الحياة البرية العالمي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"