تشكل أفغانستان قيمة مضافة مهمة لكل من باكستان والهند، فبالنسبة لإسلام آباد، فإن سياستها الخارجية تجاه أفغانستان تقوم على نظرة مفادها، بأن أفغانستان حليف طبيعي لها في المنطقة وتربطها بها علاقات تاريخية وثقافية وإثنية وتجارية أزلية لتداخل الحدود بينهما، دع عنك جانباً ما تشكله أفغانستان من معبر استراتيجي لتدفقات النفط الخام والغاز الآتية من آسيا الوسطى. أما بالنسبة للهند، فإن العلاقة القوية مع كابول تعني أيضاً خطوط تجارية جديدة كمداخل إلى آسيا الوسطى، وما تحتويه من احتياطيات نفطية بالإضافة إلى طريقة للحد من تنامي التطرف الإسلامي. أفغانستان في الواقع تشكل فرصة للهند لكي تقلل من دور باكستان في إطار سعي نيودلهي إلى توسيع نفوذها الإقليمي كقوة كبرى. ونتيجة لذلك يدور صراع خفي بين البلدين عن طريق استخدام وسائل غير عسكرية، أسلحتها الواجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وكميات ضخمة من الأموال التي تذهب في شكل مساعدات ووسائل دبلوماسية متعددة. المقلق في المسألة هو أن هذا الصراع الخفي يدخل فيه طرفان كلاهما يملك أسلحة نووية ووسائل إيصالها إلى أهدافها. ويدخل ضد الطرف الآخر في معركة صامتة من أجل النفوذ، يمكن أن تتحول إلى معركة حامية الوطيس مع اقتراب عقارب الساعة من موعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من أفغانستان. إن العالم أجمع ينتابه شعور بالخوف من مغبة أن تتطور المسألة بين البلدين إلى ما هو أسوأ من الحرب الصامتة الحالية، فباكستان والهند خاضا ضد بعضهما بعضاً حتى الآن ثلاث حروب مدمرة خلال السبعين سنة الماضية أو نيف، ويخشى قادة باكستان العسكريون والسياسيون من أن يروا بلادهم، وقد حشرت بين فكي كماشة عسكرياً، حيث تجاورهم الهند على جانب من الحدود وتجاورهم حكومة موالية لها في كابول على الجانب الآخر. الحرب الصامتة الدائرة حالياً بدأت فصولها مع الدقائق الأولى لغزو الولايات المتحدة لأفغانستان عام 2001، فالنتيجة لذلك الغزو أزيحت من السلطة حكومة "طالبان" الموالية لباكستان، وشرعت الهند فوراً في العمل على كسب القادة الجدد، تلك الخطوة أثارت حفيظة باكستان، لكن رغم ذلك أصبحت الهند سريعاً حليفاً قوياً للرئيس الأفغاني الذي قام بزيارة للهند في أوائل مايو 2010. والمحير في الأمر أن كل من الهند وباكستان تقومان بتقديم العون والمساعدة إلى أفغانستان في العلن، فالهند تقوم ببناء طريق سريع يشق صحراء أفغانستان الغربية، وأدخلت الكهرباء إلى كابول، وتقوم بتنفيذ مبنى جديد للبرلمان الأفغاني، وتقدم المساعدة الطبية من خلال خدمات تقدمها في مناطق واسعة من البلاد، وقد أنفقت الهند حتى الآن حوالي مليار ونصف مليار دولار أميركي تحت مسمى مساعدات تنموية. وفي المقابل تقوم باكستان بجهودها الخاصة على هذا الصعيد، وأنفقت حتى الآن 350 مليون دولار أميركي. وفي الوقت الذي يستفيد فيه الأفغان من مساعدات الهند بشكل واسع، إلا أن تزايد النفوذ الهندي من شأنه أن يزيد من التوتر الإقليمي ويشجع باكستان على إجراءات مضادة قد تقود إلى توتر عسكري، وهنا مكمن الخطورة الحقيقية.