الاهتمام بالبيئة والحفاظ على مقوّماتها أصبح إحدى ركائز التنمية المستدامة، الأمر الذي يعني أن حماية البيئة ينبغي أن تسير جنباً إلى جنب مع خطط التنمية المختلفة ومشروعاتها، وهذا ما تدركه الإمارات وقيادتها الرشيدة التي تسعى بوضوح إلى تحقيق التوازن بين التنمية المستدامة والبيئة، بما يحفظ للأجيال المتعاقبة حقها في التمتّع بالحياة في بيئة صحية وآمنة. وقد عكست التصريحات التي أدلى بها الدكتور راشد أحمد بن فهد، وزير البيئة والمياه، مؤخراً، توجّه الإمارات نحو تحقيق هذا الهدف، فقد أشار إلى "أن دولة الإمارات تعمل بوضوح على تطوير سياسات واستراتيجيات وتشريعات وبرامج هادفة لترشيد استخدام الموارد بكفاءة والحدّ من استنزافها، من أجل خفض البصمة البيئية الكليّة والاستمرار في التنمية المستدامة". وبرغم أن البصمة البيئية للفرد في الإمارات انخفضت مؤخراً لتصل إلى 9.5 هكتار عالمي للفرد، بدلاً من 11.8 حسب تقديرات عام 2006، وهو الأمر الذي يشير بوضوح إلى فاعلية الجهود التي تبذل في هذا الشأن، فإنها ما زالت مرتفعة لدى مقارنتها بالمعدلات العالمية، ما يعني ضرورة مضاعفة الجهود التي تبذل على المستويات المختلفة من أجل تحقيق التوازن البيئي، وبما يضمن تحقيق التنمية المستدامة. وإذا كانت البصمة البيئية تقيس الطلب البشري على موارد الطبيعة، وبصفة خاصة معدلات استهلاك الطاقة، فإن التقارير الدولية في هذا السياق تشير إلى أن معدل استهلاك الفرد الإماراتي من الكهرباء والمياه يعدّ من أعلى دول العالم، وهو الأمر الذي يسلّط الضوء على أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع هذه البصمة في الإمارات وهي الممارسات السلبية من جانب أفراد المجتمع، وغياب الثقافة الاستهلاكية الرشيدة في التعامل مع الموارد المتاحة، كالمياه والطاقة. والواقع أن هناك جهوداً تبذل على أكثر من مستوى ليس لتقليل معدلات البصمة البيئية في الدولة وحسب وإنما أيضاً من أجل إيجاد بيئة آمنة ونظيفة تدفع عملية التنمية قدماً إلى الأمام في مختلف المجالات، فهناك من ناحية العديد من المشروعات والمبادرات التي تستهدف خفض استهلاك الطاقة وترشيد استخدام الموارد، ومنها استخدام الطاقة المتجدّدة والعمل بمعايير الأبنية الخضراء، ومن ناحية ثانية أصبح هناك توجّه متنامٍ نحو تعزيز الجانب البيئي في قطاع النقل العام، يقوم على تشجيع استخدام الغاز الطبيعي كوقود بديل للمركبات، وبديل للبنزين في إطار توجّه أكبر يهدف في المدى البعيد إلى إحلال الغاز محلّ أشكال الوقود الأخرى للأغراض الصناعية والتجارية والسكنية، بالإضافة إلى أغراض النقل بصفة عامة. ومن ناحية ثالثة هناك العديد من المشروعات والمبادرات الرائدة التي تتعلّق بالمحافظة على البيئة وتفعيل تنفيذ آلية التنمية النظيفة في الدولة ومن أهمّها إطلاق أول مدينة في العالم خالية من الانبعاثات الكربونية في "مصدر" لتنمية مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة وبدء استخدام الجهات الرسمية للطاقة الشمسية في أنظمتها على نطاق محدود. الحفاظ على البيئة وتحقيق التوازن مع الموارد المتاحة أصبح يشكّل هدفاً استراتيجيّاً ليس لكونه مطلباً رئيسيّاً لتحقيق التنمية المستدامة وحسب، وإنما أيضاً لأنه يعكس حقيقة الدور الحيوي الذي تقوم به دولة الإمارات على الصعيد الدولي في مواجهة التغيّرات المناخية في العالم، خاصة أنها تعدّ من الدول الرائدة في الاهتمام بالبيئة والداعية إلى تعزيز جهود التعاون الدولي بشأن هذه القضية الحيوية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.