قرأت مقال د. حسن حنفي: "الثورة العربية... والثورة التركية" وأرى أن تلك المقارنة التي أجراها بين تجربتي التحديث السياسي ولاقتصادي في البلدين لم تضع في الحساب اختلاف الوضع بين البلدين، وبين تجربتيهما السياسيتين. ولعل أول ما يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد هو أن أتاتورك لم يدَّعِ إحداث ثورة في تركيا، وإنما سعى فقط لتحديثها بإلغاء نظام الخلافة وتأسيس الجمهورية القائمة على مبدأ العلمانية. وأما ثورة 1952 في مصر فطريقها مختلف كثيراً عن اتجاه مشروع أتاتورك. وزيادة على هذا أن الفارق الاقتصادي الذي انتهت إليه كل من التجربتين لم يولد أيضاً من فراغ، وإنما أثر على مسار التجربة المصرية دخولها في مواجهة شرسة مع المشروع الصهيوني الاحتلالي في فلسطين، ومن ورائه الغرب. وهذا ما استنزف كثيراً من طاقاتها الاقتصادية، وجعل حجم المتحقق مختلفاً عن الحالة التركية. وبالنتيجة، أرى أن المقارنة إن كانت مفيدة في فهم أوجه قوة وأوجه ضعف التجارب الإنسانية المختلفة، إلا أنها لا تبرر مع ذلك اختلاف الظروف، وتباين الإمكانيات ومخزون التجارب، وحجم الالتزامات الوطنية والقومية. أشرف النبوي - القاهرة