الإمارات تحتل ولله الحمد المركز الأول عربياً في دليل التنمية البشرية لعام 2010 الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة. ولكن من يتابع اليوم مجريات التطور الذي تشهده بعض الدول العربية تجد نمواً دون تنمية، أوحرصاً على النمو وإهمالًا للتنمية، وفي حالات نادرة نجد دولًا عربية نجحت في تحقيق النمو وفي نفس الوقت التنمية. ما الفرق بين النمو والتنمية؟ سؤال يطرحه أولو الألباب يومياً على أنفسهم، وهل ما يجري اليوم في الدول العربية يعد نمواً أم تنمية، النمو يلخص في الزيادة العددية فكثير من الدول العربية مثلاً تزايد فيها عدد المواليد، وهذا أمر حسن لكنه يمثل نموذجاً للنمو، كما زادت مثلاً أعداد الفنادق في بعض الدول، وهناك تسابق على الزيادة في المشاريع العقارية كل هذا أمر حسن لكنه يدخل في تعريف النمو، ففي الصين مثلًا والهند هناك نمو كبير في عدد السكان، لكن مشكلتهم تكمن في التنمية. فهل كل من يعيش هناك اليوم نال حظه المطلوب من التعليم والرعاية الصحية، ومن ثم تم إعداده للنجاح كإنسان. الصورة مثلها في بعض الدول العربية لما تراها من الخارج تجد نمواً مذهلاً في كل شيء، ولكن ماذا عن الإنسان هل تم تأهيله للنجاح مع متطلبات هذا النمو؟ هناك معايير ومؤشرات للتنمية الإنسانية المستدامة، لعل من أهمها المرافق الصحية وجودة الرعاية الصحية المقدمة لهذا الإنسان. فيستغرب الباحث منا عندما يزور بعض الدول الخليجية اليوم التي طغى عليها هاجس التمدد العقاري. ولكن هناك طوابير من الناس تزدحم بهم أروقة المستشفيات، لأن شقي المعادلة لم يمضيا كما ينبغي. من معايير التنمية الواضحة كذلك التعليم، فواقع المدارس اليوم في بعض دول الخليج مؤرق جداً. لقد زرت بعض هذه الدول وتأكدت أنه لم توجد هناك مشاريع جادة لإصلاح التعليم لديهم، لأن البعض يفكر أنه كما نجح في استقدام من بنى له الحجر سينجح كذلك بالمال في استقدام البشر، وهذا أمر لا منطقي فالمشاريع الرائعة في بعض دول الخليج اليوم، والتي لا تدار بعقول محلية في معظم الأوقات مهددة لو قررت العقول المستأجرة الهجرة من هذه المنطقة، ومن هنا كان لزاماً التأكيد على إصلاح التعليم وتدريب الإنسان الخليجي على أن العقل بحاجة إلى جهد كبير كي يتطور، وكفانا راحة ودعة . وكما أن التعليم بشقيه العام والعالي بحاجة إلى تطوير الكل يجمع عليه، فإن من أكبر المؤشرات في هذا المجال يتلخص في الميزانيات التي رصدت للتعليم، ففي بعض الدول العربية كلما جاءت موجة للتقشف، كان التعليم شاطئها المفتوح، حتى شهدنا مدارس تكاد تسقط على من فيها، ومعلمين لم يتطوروا في مجال تخصصهم، لأن آخر تدريب كان لهم عندما كانوا تلاميذ في كلياتهم الجامعية قبل عقود من الزمن. من مؤشرات التنمية الفعلية في الدول التي تشهد ذلك الدور الذي يلعبه الإنسان في بناء الحياة العامة لوطنه ومدى إسهامه في ذلك البناء، أن عند البعض همس وغمز في مدى حاجة الوطن له، فقد غذى هذا الإنسان في ترف جعله غير قادر على تقديم شيء يذكر لوطنه، فهو إنسان تم تأمين كل ما يحتاج له، وفي المقابل لم يطلب منه بذل شيء، فماذا نتوقع منه أكثر من الكسل والدعة.