أصداء جولة أوباما الآسيوية...والاستيطان عقبة أمام السلام واشنطن قد تعتمد على نيودلهي كقوة موازنة لبكين في آسيا، والاستيطان لا يزال عقبة أمام السلام في الشرق الأوسط، ومخاوف من ضخ سيولة دولارية في الاقتصاد الأميركي، ولا بد من الإقرار بالتنوع في إندونيسا... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن قراءة موجزة في الصحافة الأميركية. خصص "تشارلز كروثمار" مقاله المنشور في "الواشنطن بوست" يوم أمس لزيارة أوباما للهند. فتحت عنوان "لماذا كان أوباما على حق في ما يتعلق بالهند"، استنتج الكاتب أن هذه الزيارة تكتسي أهمية، خاصة إذا نظرنا إليها على ضوء جولة أوباما الحماسية في الصين التي أجراها العام الماضي وحاول من خلالها منح الصين درجة من الشراكة مع مجموعة العشرين، وساعتها كان لدى أوباما اقتراح بدور صيني في جنوب آسيا، مما أعتبر "إهانة" لهيمنة الهند ودورها الإقليمي، واستعداداً لهيمنة صينية على تلك المنطقة. ويرى الكاتب أن تلك الهيمنة باتت اليوم مصدراً متنامياً للتوتر في آسيا، الصين الحديثة أشبه بألمانيا قبل قرن، التي كانت قوة صاعدة تبحث لنفسها عن مكان تحت الشمس. ويشير الكاتب إلى أن أوروبا حاولت خلال النصف الأول من القرن العشرين احتواء وإدارة الصعود الألماني، والكل يعرف ماذا كانت النتيجة. وبالنسبة للصين، فإن قصة النصف الثاني من القرن ستدور حول الطريقة التي ستحتوي بها آسيا التوسع الصيني. وثمة مزاعم صينية- حسب الكاتب- حول ملكية مناطق بحرية غنية بالموارد، تدعي كل من فيتنام وبروناي وماليزيا والفلبين واليابان، تقليدياً كانت اليابان هي المكافئ الإقليمي للصين أو التي تلعب دور القوة الموازنة لبكين، لكن اليابان التي تعاني من زيادة نسبة المسنين ومن الانكماش الاقتصادي، لم يعد بمقدورها لعب هذا الدور. وعكس التوتر الأخير أو بالأحرى النزاع البحري بين طوكيو وبكين على خلفية اعتقال اليابان بحاراً صينياً، مدى التحول في موازين القوى بين الصين التي كانت فقيرة يوماً ما، وبين اليابان التي كانت ذات يوم مهيمنة على المنطقة، والنتيجة أن بكين فرضت حظراً على تصدير المعادن النفيسة إلى اليابان. وبما أن جيران الصين بدءاً بكوريا الجنوبية وانتهاء بالهند يحتاجون دعم الولايات المتحدة كي يتسنى لهم مواجهة الهيمنة الصينية، فإن هذا يُكثف من أهمية دور أميركا كقوة توازن. وحسب الكاتب تنتهج الهند سياسة قائمة على تحرير الأسواق وحكم القانون وينطق شعبها بالإنجليزية، ويجمعها بالولايات المتحدة هدفان مشتركان: مواجهة التطرف الإسلامي، والتصدي على المدى الطويل لصعود الصين. ما سبق يفسر أيضاً دعم أوباما للهند في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن. عبء الاستيطان تحت هذا العنوان، نشرت "لوس أنجلوس تايمز" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، مستنتجة أنه بعد مرور ما يزيد على أربعة عقود على حرب 67 يمكن القول إنه إذا كانت إسرائيل تريد السلام، فإن عليها وقف بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة. الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن أول مستوطنة بنتها إسرائيل بعد حرب 67 واحتلالها الضفة الغربية والجولان وشبه جزيرة سيناء، كانت في الجولان، وذلك بعد شهر واحد من الاحتلال. لقد مرت أربعة عقود خلالها واصل المجتمع الدولي مطالبته للإسرائيليين بالعودة إلى حدود الرابع من يونيو 1967 ووقف محاولات إعادة رسم الخريطة الإسرائيلية في المنطقة. وتقول الصحيفة : لقد مرت الآن 35 عاماً على نشر افتتاحية عنوانها المستوطنات "عقبة أمام السلام". الافتتاحية المشار إليها نشرت عام 1975 عندما دشنت إسرائيل مستوطنة في الضفة الغربية يسكنها أقل من 5000 مستوطن، الآن تضخم هذا العدد ليصبح 300 ألف، ناهيك عن مستوطني الجولان، هذا بالإضافة إلى 190 ألف مستوطن إسرائيلي في القدس الشرقية. معظم العالم يتفق على كون المستوطنات غير قانونية من ناحية القانون الدولي، وحتى الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل، أكد رئيسها أن الاستيطان يدمر الثقة. الصحيفة كررت موقفها الذي اتخذته منذ عام 1975 والتمحور حول كون الاستيطان عقبة أمام السلام، وبما أن الإسرائيليين يواصلون الاستيطان، فأن العالم سيواصل التساؤل حول مدى جديتهم في الالتزام بالسلام. خطر "الدولار الضعيف" تحت عنوان "الاحتياطي الفيدرالي ومجموعة العشرين"، نشرت "نيويورك تايمز" يوم الثلاثاء الماضي افتتاحية، أشارت خلالها إلى أن الرئيس أوباما عندما زار سيول لحضور قمة مجموعة العشرين، تعرض لانتقاد بسبب خطة بنك الاحتياطي الفيدرالي الرامية إلى القيام خلال الشهور الثماني الماضية بضخ 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي الضعيف. كثير من البلدان ينتابها القلق جراء احتمالات أن يتعرض اقتصادها وقطاعاتها التصديرية للخطر بسبب الدولار الأميركي الضعيف... الصحيفة تقول إن "الاحتياطي الفيدرالي"يأمل في تحفيز الاقتصاد الأميركي والحد من الانكماش، لأن استمرار الركود، سيجعل الولايات المتحدة ليس الوجهة الأولى والرئيسية للطلب العالمي والنمو الاقتصادي الدولي. الصحيفة لفتت لانتباه إلى شراء بنك الاحتياطي الفيدرالي لأذونات خزانة من أجل الإبقاء على أسعار الفائدة عند معدلات منخفضة على المدى الطويل، وأيضاً زيادة درجة التوقعات تجاه نسبة التضخم المحتملة في المستقبل، مما يشجع الأميركيين على الإنفاق والاستثمار بدلاً من الإبقاء على أموال تتراجع قيمتها مع مرور الوقت... هذه المقاربة ليست مثالية، وربما قد تصبح جيدة، إذا تم تخفيف بعض الأعباء الاقتصادية الخاصة بعملية التحفيز، وترى الصحيفة أن بناء خطوط مواصلات جديدة وتدشين مشروعات كثيفة العمالة، قد يكون لها أثر إيجابي في تحفيز النمو. ومن المتوقع أن يعارض "الجمهوريون" في الكونجرس – لأسباب سياسية وأيديولوجية- أي خطة للإنفاق التحفيزي... التنوع الإندونيسي وفي معرض تعليقها على زيارة أوباما لأندونيسيا، أشارت افتتاحية "كريستيان ساينس مونيتور"يوم الثلاثاء الماضي إلى أن هذه الزيارة ساعدت على إبراز رؤية أميركية ذات إشكالية تجاه "العالم الإسلامي"، كانت تعتمد على صورة نمطية تجاه الإسلام، مفادها أن هذا الدين في مرحلة ما بعد 11سبتمبر لا يعمل من أجل السلام. الصحيفة لفتت الانتباه إلى سكان إندونيسيا البالغ عددهم240 مليونا، المنتشرين في 17 ألف جزيرة، وهذا ما يجعلها أكبر بلد في العالم الإسلامي، لكن التعامل مع "إندونيسيا المسلمة"، قد يعكس تجاهلاً لحقيقة مفادها أن هذا الجزء من آسيا قد تعرض لموجات من الأديان: الهندوسية والبوذية والإسلام والمسيحية، وبالإمكان مطالعة كتاب "الدين في جاوا" للخبير الأنثروبولوجي الشهير "كليفورد جيرتز" للتعرف على إندونيسيا. كما أن هذا البلد الذي كان خاضعاً للاحتلال الهولندي، تعرض لجرعة كبيرة من العلمانية، حتي في العقود الست التالية لاستقلاله، خاصة في ظل حقبة "سوهارتو". وفي ظل التنوع الإندونيسي، فإن التسامح تجاه الحرية الدينية، هو الذي جعل من السهل على أوباما مدح إندونيسيا. إعداد: طه حسيب