القنوات والمجاري المائية تعد عادة جزءاً لا يتجزأ من مفردات الحياة اليومية في مدينة البندقية (فينيسيا) الإيطالية الشهيرة، ولكن المدافعين عن البيئة يسعون الآن لاتخاذ حالة الغرق المحدق التي ما فتئت المدينة تواجه هواجسها منذ عدة قرون كإيقونة لحالة غرق عالمية أعم وأشمل بفعل تداعيات تغير المناخ والاحتباس الحراري. ومن المعروف أن البندقية تواجه دوماً هواجس ارتفاع منسوب المياه المعروف محليّاً باسم "أكوا آلتا"، وهو ما يؤدي غالباً إلى غمر أماكن متزايدة من المدينة العائمة، بحيث تصبح الطوابق الأرضية من المنازل غير صالحة للسكن في معظم الأحيان بسبب برك المياه الراكدة فيها. وقد تكيفت البندقية مع واقع الغرق فأصبحت المواصلات فيها بوسائل نقل مائية من كل صنف ولون، وحلت القنوات محل الشوارع، وحتى رجل توصيل الطلبات إلى البيوت الذي نراه في الصورة عابراً ساحة سان ماركو الشهيرة يبدو كائناً شبه برمائي بفعل استمرار هطول الأمطار الطوفانية على المدينة خلال الأيام الماضية، وكأنه يسير بخطى متثاقلة على طريق كجسر التنهدات المنحوس الشهير في المدينة! ولكن، يقول نشطاء الهم البيئي، إذا كانت البندقية قد تكيفت بهذا الشكل فهل بقية مدن العالم جاهزة لهذا الواقع الجديد، واقع الفيضانات الكارثية والمد البحري والأمطار الطوفانية؟ سؤال أحادي الجواب: طبعاً لا.