العرب يعانون في صفد... ورسالة مفتوحة إلى يهود أميركا ------- ممارسات عنصرية تطال العرب في صفد، ودعوة إلى انتقاد إسرائيل، وتراجع مكانة إسرائيل في انشغالات اليهود الأميركيين، ومشكلة "اليسار" في الدولة العبرية... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. -------- صفد والعنصرية ضد العرب: رحبت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي بقرار عمدة بلدة "كارمييل" شمالي إسرائيل بإقالة نائبه"أورين ميلشتاين" الذي أدلى بتصريحات عنصرية ضد السكان العرب، لكن المشكلة لم تقتصر على بلدة "كارمييل"، بل بدأت في الأصل من مدينة صفد التي تشهد تواجداً عربياً مهماً التي تعرض فيها الطلبة العرب الذين يأتون للدراسة في أكاديمية صفد لنعوت عنصرية وممارسات تمييزية تستهدف تواجدهم في المدينة، ما أدى في بعض الحالات إلى اندلاع العنف عقب الفتوى المثيرة التي أصدرها كبير حاخامات المدينة، "شاموئيل إلياهو"، ودعا فيها اليهود إلى الامتناع عن تأجير منازلهم إلى الطلبة العرب بدعوى أنهم يهددون التواجد اليهودي ويخططون لاستعادة صفد كمدينة عربية، بل وصلت السخافة- كما تقول الصحيفة- إلى التحذير من إغواء الطلبة العرب لليهوديات وتزوجهن، وكأن ذلك لا يكفي إذ أيد 18 حاخاماً من المنطقة القريبة لـ"صفد" في اجتماع لهم تصريحات إلياهو، داعين إلى عدم التعامل مع العرب وعدم تأجير المنازل للطلبة، حيث بلغ الأمر إلى تحذير "إيلي تزيفي" البالغ من العمر 89 عاماً بعد تلقيه تهديدات بالموت إن هو استمر في تأجير جزء من منزله للطلبة العرب، لكن المشكلة، على حد قول الصحيفة، تكمن في سكوت رئيس الوزراء، نتنياهو، وحكومته عن الممارسات العنصرية التي تطال العرب رغم الضرر الكبير الذي تلحقه بصورة إسرائيل كدولة ديمقراطية، بل حتى اتحاد الطلبة في إسرائيل التزم الصمت ولم يحرك ساكناً للدفاع عن الطلبة العرب الذين يتعرضون لهجمة غير مسبوقة. رسالة إلى اليهود الأميركيين: وجه المعلق والصحفي الإسرائيلي "جدعون ليفي" رسالة إلى يهود أميركا الذين ستلتقي منظماتهم خلال الأسبوع الجاري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يطالبهم فيها بالكف عن أخذ كل ما تقوله إسرائيل على أنه من المسلمات القطعية، متوقعاً أن ينصب حديث الساسة الإسرائيليين الذين سيخاطبون المنظمات اليهودية على انتشار معاداة السامية في العالم، وهو أمر وإن كان صحيحاً إلا أنه لا يعبر عن الحقيقة بأكملها فالكاتب يرى أن ما يكرهه العالم بشكل الخاص هو السياسات الإسرائيلية والعنف المفرط الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين مثلما حصل في عملية الرصاص المسكوب ضد قطاع غزة، لذا يدعو الكاتب يهود أميركا إلى توجيه انتقادات لإسرائيل مشيراً إلى أن حرصهم على الدولة العبرية يجب أن يترجم إلى تنبيه للأخطاء والغطرسة التي باتت تميز سلوكها تجاه الآخرين وتؤلب عليها الرأي العام الدولي، فمهما كان الحب الذي يكنه يهود أميركا لمواطني إسرائيل عليهم أن يتأكدوا بأن القوة العسكرية لن تحمي يهود إسرائيل ما لم يتم التوصل إلى حل عادل يضمن قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، أما الأوهام التي تراود البعض مثل احتفاظ إسرائيل بالأراضي الفلسطينية وضمان تفوقها العسكري، فما عادت قادرة على حماية الدولة واستمرار شرعيتها، وأخيراً يدعو الكاتب يهود أميركا إلى ممارسة نفوذهم الكبير داخل الولايات المتحدة وتأثيرهم البالغ لدى السياسيين الأميركيين لمؤازرة إسرائيل ليس بالانصياع الأعمى وراء سياساتها، بل بانتقادها كلما استحقت ذلك. اهتمامات اليهود في أميركا: خصصت صحيفة "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء للحديث عن انشغالات اليهود الأميركيين بمناسبة انعقاد مؤتمر الجمعية العامة لليهود في أميركا ومنظماتهم الناشطة في الولايات المتحدة، فحسب الصحيفة ورغم الارتباط العميق بين يهود أميركا وإسرائيل ودعمهم اللامشروط للدولة العبرية في المحافل الدولية وفي المؤسسات الأميركية تبقى الاهتمامات مختلفة، حيث لاحظت الصحيفة أن أهم ما يشغل اليهود الأميركيين هو الاقتصاد والوظائف شأنهم في ذلك شأن باقي الأميركيين، كما أن ميولاتهم السياسية قد لا تكون نفسها التي يعبر عنها الأميركيون، وليس أدل على ذلك من تصويت اليهود في أميركا خلال انتخابات الكونجرس الأخيرة لصالح "الديمقراطيين"، ما يعني أنهم أكثر تأييداً للسياسات الاجتماعية الداعمة لإنفاق الدولة على التعليم والصحة والمعاشات وغيرها من ملامح دولة الرعاية التي يبدو أن اليهود أول من يساندها، فحسب استطلاع للرأي أجرته منظمة "جي ستريت" اليهودية اختار ثلثا اليهود مرشحين "ديمقراطيين" في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، وهي وإنْ كانت أقل من تلك التي صوتت الى أوباما، والتي وصلت إلى78 في المئة من اليهود إلى أنها تبقى أعلى من معدل التصويت لدى الناخب الأميركي العادي، وتبعاً لهذا الاندماج اليهودي الكلي في المجتمع الأميركي ترى الصحيفة أن أولوياتهم تغيرت عبر السنين إذ لم تعد إسرائيل تتصدر أجندة اليهود الأميركيين، بل تراجعت أمام الانشغالات الحياتية، وهو ما يؤكده أيضاً استطلاع الرأي السابق الذي غلب فيه 53 في المئة من اليهود الاقتصاد على ما سواه، فيما احتلت الصحة والتعليم 35 في المئة و15 في المئة على التوالي ولم تحتل إسرائيل سوى 8 في المئة من انشغالاتهم. مشكلة "اليسار": في مقاله المنشور على صفحات "يديعوت أحرنوت" يوم الأحد الماضي ينتقد الكاتب الإسرائيلي "هانوش داوم" اليسار الإسرائيلي، لأنه لا يكف عن إبداء التبرم والشكوى من الوضع العام في إسرائيل رغم الإنجازات المحققة على الصعيد الاقتصادي والتعليمي وغيرهما، فرغم تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بلدان عديدة في العالم حافظ الاقتصاد الإسرائيلي على قوته مواصلاً نموه دون انقطاع، هذا في الوقت الذي تشهد فيه البنية التحتية من طرق وغيرها انتعاشاً حقيقياً في إسرائيل مع إعلان السلطات عن مد شبكة جديدة من الطرق والسكك الحديدية التي تربط الجنوب بالشمال والشرق بالغرب، لكن رغم كل ذلك يركز "اليسار" في إسرائيل، كما يقول الكاتب، على عملية السلام المتعثرة باعتبارها القضية المحورية التي يجب الاهتمام بها وكأن السلام في عهد حكومات "اليسار" كان أكثر ازدهاراً، بل بالعكس خاضت إسرائيل أشرس حروبها في عهد "اليسار" كما تدل على ذلك حرب غزة الأخيرة التي شنتها حكومة "كاديما" برئاسة إيهود أولمرت ليخلص الكاتب في النهاية إلى أن ما يعاني منه "اليسار"، هو غياب أفق سياسي واضح يجيب عن الأسئلة الحقيقية للإسرائيليين، الأمر الذي يفسر تراجعه على الساحة السياسية وصعود قوى اليمين بدلاً منه. إعداد: زهير الكساب