من منطلق الحرص على المشاركة في التفاعل مع المتغيرات المهمّة والقضايا الاستراتيجية الكبرى ذات العلاقة المباشرة بواقع دولة الإمارات ومستقبلها بوجه خاص، ومستقبل دول الخليج العربية والعالم كلّه، ينظم "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" مؤتمراً سنويّاً عن الطاقة. وانطلقت أمس، ولمدة ثلاثة أيام، الدورة السادسة عشرة لهذا المؤتمر في مقر المركز في أبوظبي تحت عنوان "عصر النّفط: التحديات الناشئة"، الذي ينصبّ على دراسة القطاع النفطي، ذلك القطاع الذي ظل على مدار السنوات والعقود الماضية يمثل المحور والعمود الفقريّ لاقتصاد دولة الإمارات، ودول الخليج العربية بشكل عام، الذي برغم تراجع نصيبه من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الماضية، فإنه ما زال يعدّ مورد الدخل الرئيسي لاقتصادات هذه الدول. ويحتل مؤتمر "عصر النفط: التحديات الناشئة" أهميّة كبيرة ليس على المستوى المحلي والإقليمي فقط، ولكن على المستوى الدولي أيضاً، كونه يناقش إحدى أهمّ القضايا المؤثرة والمحركة للاقتصاد العالمي كلّه، فبرغم أن إسهام النفط في مزيج الطاقة العالمي قد تراجع خلال العقود الأخيرة، فإنه ما زال يغطّي نحو ثلث احتياجات العالم من الطاقة، ولا يتوقع أن يتراجع نصيبه كثيراً على مدار العقود الخمسة المقبلة، وبالتوازي مع ذلك، فإنه من غير المتصوّر أن يتراجع أي من أهمية النفط كمصدر للطاقة، أو دوره كمحرك لأداء الاقتصاد العالمي أيضاً، وهو ما يعطي كذلك أهمية كبيرة لهذا المؤتمر الذي سيظلّ بالتبعية واحداً من المناسبات العلمية والفعاليات العالمية المهمّة خلال الفترة نفسها، وهو ما ينسحب بالطبع على دور "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" كمركز علمي ذي موقع إقليمي وعالمي متميز. ويكتسب موضوع المؤتمر السنوي للطاقة هذا العام أهمية كبيرة، فانعقاده تحت عنوان "عصر النّفط: التحديات الناشئة" يعني أنه مناسبة جيدة لتدارس التحديات التي تقف في وجه قطاع النفط العالمي، سواء كانت هذه التحديات نابعة من داخل قطاع النفط نفسه مثل تحديات أمن الإمدادات النفطيّة، واقتصادات إنتاج النفط، ومكوّنات صناعة النفط بشكل عام، وكذلك يهتم المؤتمر بالتحديات الموجّهة إلى القطاع النفطي من خارج القطاع نفسه، مثل تحديات أمن الطلب العالمي على النفط، والتنافس الدولي على مصادر الطّاقة، ومحاولات التحول من عصر الطاقة التقليدية، بما فيها النفط، إلى عصر الطاقة الجديدة، بهدف الحدّ من التلوث البيئي، وحماية البيئة العالمية من أخطار الاحتباس الحراري والتغير المناخيّ الناتجة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن استخدام النفط وغيره من مصادر الطاقة التقليدية. ويأتي اهتمام "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" بقطاع النفط متوافقاً مع، وجزءاً لا يتجزأ من الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات لهذا القطاع الحيوي، الذي وإن بدت الحاجة ملحّة حاليّاً إلى التخلص من مظاهر الاعتماد عليه كمصدر رئيسي للطاقة والدخل، سواء بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني، أو بالنسبة إلى أيّ اقتصاد يعيش ظروفاً مشابهة، فإن هذا لا ينفي أنه سيظل واحداً من القطاعات الاقتصادية ذات الأهمية القصوى على مدار العقود المقبلة، خاصة في ظل الخطط المستقبلية لدولة الإمارات التي تسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتراعي أن يكون النمو الاقتصادي متسماً بنوع من التوازن، بحيث لا يطغى قطاع على آخر، وأن تمنح القطاعات الاقتصاديّة كلها الفرصة للإسهام في النمو والتنمية في الدولة في إطار التنويع الاقتصادي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية