واكبت الإمارات العديد من مظاهر النمو الاقتصادي على مدار العقود الماضية، وقد تطلّب هذا النمو زيادات متوالية في استهلاك الدولة من الطاقة، فتضاعف هذا الاستهلاك بنحو أربعة أضعاف خلال العقدين الأخيرين، ومن المتوقّع أن يستمر هذا النمو في الطلب على الطاقة في المستقبل مع استمرار النمو الاقتصاديّ في الدولة، خاصة بعد انحسار مظاهر "الأزمة المالية العالمية" بجانب النمو المتوقّع في عدد السكان، وفي ظل هذا النمو يتوقع أن يزداد استهلاك الدولة من الطّاقة بنحو ثلاثة أرباع مستواها الحالي في نهاية العقد الجاري. وبالطبع تعي الحكومة بمؤسساتها الاتحادية والمحلية على مستوى كل إمارة الوضع الحسّاس لميزان الطاقة على مستوى الدولة كلّها، وما يمكن أن يطرأ عليه من تغيرات في المستقبل، خاصة خلال العقد المقبل، الذي تشهد فيه الدولة المزيد من التوسّع في الأنشطة الاقتصادية، وتحسّن موقعها على مستوى الاقتصاد العالمي، واستمرار تدفق رؤوس الأموال الأجنبية عليها للاستفادة مما لديها من فرص استثمارية واعدة، ما يرشّحها للإسهام بنحو نصف الزيادة المتوقعة في استهلاك الطاقة على مستوى دول الخليج العربية خلال ذلك العقد، كما ورد في تقديرات مؤسسة "تيكيم". ولذلك تبذل الدولة جهوداً حثيثة لتطوير الطاقة الإنتاجيّة لقطاع الطاقة لديها لجعله قادراً باستمرار على تلبية احتياجات الاقتصاد الوطني من مصادر الطاقة المختلفة، وهي تخطّط لاستثمار نحو 31 مليار دولار على مدار السنوات الخمس المقبلة بواقع 6.2 مليار دولار سنوياً لتنفيذ عدد من المشروعات التطويريّة في قطاع النفط والغاز الطبيعي، كما تنفق الدولة ما يقدر بنحو 10 مليارات دولار استثمارات سنوية لإقامة مشروعات إنتاج الطاقة عبر مصادرها المتجدّدة، ما يجعلها من الدول الرائدة على مستوى العالم في هذا الشأن. وبالإضافة إلى هذه الجهود تشهد الفترة الحالية اهتماماً مكثفاً من المؤسسات الإماراتية المختلفة لمناقشة قضايا الطّاقة والتباحث فيها عبر تنظيم العديد من المناسبات والمؤتمرات الكبرى في هذا الشأن، التي تهدف جميعها إلى مراجعة أداء قطاع الطاقة في الدولة، واستخلاص الدّروس، ودراسة التجارب الدولية بما يساعد في النهاية على تطوير أداء القطاع ليكون قادراً على مواكبة التغيرات المحلية والإقليمية العالمية، وفي هذا الإطار فقد نظّمت "وزارة الطاقة"، مؤخراً، بالتعاون مع "اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا- الإسكوا"، ندوة تمهيدية لمناقشة سبل إعداد ميزان طاقة للإمارات، سيمثل عند إعداده أداةً فعّالةً لمراقبة أوضاع الطاقة في الدولة، وما يطرأ على جانبي العرض والطلب على الطاقة في الدولة من تغيرات، وبالتالي فإنه سيعدّ وسيلة فعالة للوقوف على مستويات أمن الطاقة في الدولة. وبجانب ذلك، فقد عقدت مؤخراً فعاليات "معرض ومؤتمر أبوظبي للبترول" (أديبك 2010)، الذي يعدّ مناسبة سنوية لمراجعة التطورات التي طرأت على قطاع الطاقة في إمارة أبوظبي بشكل خاص، ودولة الإمارات بشكل عام، خلال عام مضى، واستطلاع ما يمكن أن يحدث خلال عام مقبل، مع الأخذ في الاعتبار التغيّرات التي تطرأ على قطاع الطاقة الإقليمي والعالمي؛ كما يأتي "المؤتمر السنوي للطاقة" الذي ينظّمه "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، الذي يبدأ اليوم ولمدة ثلاثة أيام، ليكون مناسبة لتدارس قضايا الطاقة على المستويين الإماراتي والخليجي العربي في إطار وسياق شامل لا يعزلها عن بيئتها العالمية المملوءة بالتغيّرات. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.