أعلن تنظيم "القاعدة" في شبه جزيرة العرب الجمعة الماضية في بيان له تبنيه عمليتي إرسال طردين مفخخين من اليمن إلى الولايات المتحدة، كانت وجهتهما النهائية مركز عبادة يهودي، تم ضبطهما في بريطانيا ودبي، كما تبنى التنظيم السقوط المفترض لطائرة شحن تابعة لشركة البريد الأميركية "يو. بي. اس" في الثالث من سبتمبر الماضي في دبي. وكانت السلطات الأمنية في الإمارات، وعبر تعاون استخباراتي قد كشفت عن طرد ملغوم في مطار دبي، عبارة عن طابعة كمبيوتر تحتوي مواد متفجرة وضعت في الحبر الخاص بالطابعة، كان قد جرى شحنها من صنعاء إلى الدوحة على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية، ومن ثم إلى دبي حيث تم اكتشافها. وتوعد التنظيم بعمليات أخرى قائلًا "وحيث أن العمليتين كللتا بالنجاح، فإننا ننوي تعميم الفكرة على إخواننا المجاهدين في العالم وتوسيع دائرة تطبيقها لتشمل الطائرات المدنية في الغرب، إضافة الى طائرات الشحن". فهل يعني ذلك أن "القاعدة" أعلنت حرباً مفتوحة على الملاحة الجوية؟ تشير عمليات الطرود المفخخة إلى تطور أساليب تنظيم "القاعدة" مما يستدعي تحركاً مضاداً للحكومات المعنية، وفي هذا السياق ترد ملاحظتان: الأولى تبني "القاعدة" لأساليب جديدة مبتكرة واستعراضية في السنوات الأخيرة، حتى لو فشلت في مهامها كما في عملية التفجير الفاشلة للشاب النيجيري عمر فاروق، التي استهدفت طائرة أميركية، كانت تقوم برحلة بين أمستردام ونيويورك يوم عيد الميلاد الماضي. فتهديد "القاعدة" هذه المرة، هو تهديد لسلامة الملاحة الجوية العالمية، وتهديد للمصالح الأميركية بشكل خاص، ليعيد للأذهان تهديد سلامة الملاحة البحرية بعد أن قام تنظيم "القاعدة" باستهداف المدمرة الأميركية "يو. إس. إس. كول" عام 2000، والناقلة الفرنسية لمبرج عام 2003، وناقلة النفط اليابانية مؤخراً مستخدماً التكتيك ذاته. ثانياً: أثارت العملية تساؤلًا حول قدرة الحكومة اليمنية على محاربة تنظيم "القاعدة" مع استمرار حالة الاستنفار الأمني بين الأجهزة الأمنية لسنوات، وكيف استطاع التنظيم تخطي الإجراءات الأمنية في المطارات، مما يثير الشك حول إمكانية اختراق "القاعدة" للأجهزة الأمنية اليمنية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى الحكومة اليمنية في حربها على "القاعدة"، تحتاج للتركيز ليس فقط على الإجراءات الأمنية والعسكرية أو الاستخباراتية فحسب، ولكن أن يتم التركيز كذلك على الجانب الوعظي والإرشادي والتوعوي لمحاربة الإرهاب، ولتجفيف منابع التنظيم من الشباب المتحمس. اليوم تشكك أطراف دولية في فعالية أساليب الحرب على الإرهاب التي تستخدمها الحكومة اليمنية وحلفاؤها، فمن الواضح أن اليمن رغم الدعم الغربي والخليجي المستمر للحكومة في سعيها لمحاربة الإرهاب ورغم الحملات العسكرية المستمرة، فإن "القاعدة" وأخواتها لازالت تجد في الأراضي اليمنية حاضنة، خاصة بسبب وعورة أراضيها وجبالها. استمرار "القاعدة" في تنويع التكتيكات، سيُبقي محاربة الإرهاب و"القاعدة" على درجة من الأولوية لدى الحكومات الخليجية كما هي بالنسبة للحكومات الغربية، والحكومة الأميركية بشكل خاص. لقد تحول اليمن إلى ساحة مفتوحة للحرب على الإرهاب. ساحة تلعب فيها كل الأطراف المعنية سواء تنظيم "القاعدة" والحكومة اليمنية وأطرافاً إقليمية ودولية، كل بأجنداته المختلفة والمتعارضة أحياناً، لكنها تلتقي في الحرب على الإرهاب على أرض اليمن.