الإضرابات والاعتصامات في فرنسا تحدث لأبسط سبب، كما قال أحد الفلاسفة البريطانيين... لكن الإضرابات الأخيرة حول قانون نهاية الخدمة، والتي كادت تشل الحياة في فرنسا كلها تقريباً، لم تأت لمجرد الإضراب أو التظاهر أو الاحتجاج، وإنما بدافع إظهار القلق حول موضوع في غاية الأهمية ويمس حياة ملايين الفرنسيين، كما قال المنظمون. كذلك يقول هؤلاء المحتجون الذين نراهم هنا في هذه الصورة، حول دوافع احتجاجهم هم أيضاً، وقد نصبوا خيماً وجلسوا أمامها فوق جسر "بون دي آرت" على نهر السين بباريس. إنهم أعضاء في جمعيات معنية بالكفاح ضد الفقر وبالدفاع عن الحق في الحصول على مسكن لائق تتوافر فيه الشروط الملائمة، وقد جاؤوا للقول إن الحاجة إلى السكن هي إحدى الحاجات الأساسية التي تهم جميع الفرنسيين، بل تهم البشر قاطبة، وهم يحاولون لفت الأنظار للحاجة إلى وضع حلول طويلة الأجل توفر الإسكان اللائق من أجل سكان المدينة الذين لا يجدون مأوى. والحاجة إلى سكن مشكلة يواجهها أغلب الناس في العالم، لكن الفرنسيين يعبرون استباقياً، وبطريقتهم في تنظيم النشاطات التضامنية، دون قيود وبلا حدود تقريباً، حول حاجات ضرورية وأقل من ضرورية، حتى اتهمهم البعض بالوقوع في نوع من الإسراف والإفراط في السلوك الاحتجاجي والمطلبي!