درج كثير من كتابنا العرب، ومنذ سنوات طويلة، على تحميل الثقافة العربية مسؤولية كل الإخفاقات والمصائب والانتكاسات التي تعرض ويتعر لها عرب العصر.. قائلين إن طابعها التقليدي ومجافاتها للعقل وميلها المفرط للأخذ بالمطلقات والمقدسات، هو علة العلل في التأخر العربي. لكن مقال الدكتور برهان غليون، "الحتمية الثقافية... وهم النماذج الثابتة"، نسف تلك الطروحات التي حولها البعض إلى مسلمات وراح يرددها في خطاب دوغمائي أبعد ما يكون عن العقلانية والعلمية، لاسيما حين يفسر أوضاع الناس على الأرض، كما لو كانت انعكاساً آلياً لما يؤمنون به من قيم ومعتقدات حول الخير والشر وحول ما وراء الطبيعة وما بعد الموت! وفي مقابل ذلك، شدد الكاتب على أهمية العاملين السياسي والاقتصادي، مشيراً إلى أن أوضاعنا هي بالدرجة الأولى نتاج لخطط وبرامج تضعها نخب مسؤولة وذات تعليم غربي بالأساس. كما أن تمحيصه مفهوم الثقافة، أظهر مدى عزلة أصحاب الخطاب المذكور عن منجزات العلوم الإنسانية المعاصرة لاسيما علم اجتماع التنمية. جابر سعيد -قطر