قرأتُ مقال د. خالد الحروب: "الفكر العربي بين يجب وكيف" وضمن هذا التعقيب الموجز عليه سأكتفي بالإشارة إلى أن أكبر عائق ظل يواجه الفكر العربي طيلة العقود الأخيرة الماضية هو فخ التسيُّس، مع ما يرتبط به من استقطاب حاد وأحياناً مشحون، وابتعاد بالضرورة عن الموضوعية في التوصيف والعلمية في التفكير. والمحنة الأكبر أننا نادراً ما نجد مفكراً عربيّاً غير مستقطب في هذا الاتجاه أو ذاك، ولذا فإن معظم مفكرينا أو بالأحرى منظرينا، عندما يتربع الواحد منهم للتفكير أو التنظير والنقد، يتحول بقدرة قادر إلى منظر إيديولوجي يدافع عن هذا الطرح أو يفند ذاك، دون أن يضع في الاعتبار ما ينبغي أن يكون عليه التفكير العلمي من حياد وموضوعية، وروح نقدية تقتضي أبسط مسلماتها عدم أخذ أي رأي إنساني على أنه "كامل الأوصاف" أو غير قابل للنقد أو التجاوز والإلغاء. وهذا الكلام يصدق طبعاً على معظم منظري النظرية الإيديولوجية التي تحدث عنها المقال، ولكنه، للأمانة أيضاً، ليس حكراً عليها، ولا على منظريها، بل هو حالة عربية عامة، يتحول فيها المفكر، أو ناقد الفكر، إلى قاض، يوزع بالمجان، يميناً ويساراً، أحكام الصحة والخطأ، وكيفما اتفق. وليد إسماعيل - الدوحة