قلّة هي المواضيع التي حصلت في السنوات الأخيرة على تغطية في أعمدة الصحف والقصص الإعلامية حول تكامل المسلمين في المجتمع البريطاني. فقد تم تكريس مقالات بأكملها للقول بأن لبس النقاب يعيق تبادل المجاملات في الطريق. كما أجريت العديد من البحوث حول احتمالات تحوّل جمعيات الطلبة المسلمين إلى الأصولية، وامتلأت مواقع الأخبار الإلكترونية بتفاصيل حول صدامات بين مجموعات مثل "رابطة الدفاع الإنجليزية" و"مسلمون ضد الحملات الصليبية". ورغم أنه يجب القول بأن وجهات النظر المقدمة على الجانبين فجّة وغير واقعية، فإنه يجب توفير مزيد من التغطية للمواقف الدقيقة في وسطها. قامت البرامج التلفزيونية، مثل "اسمي محمد" الذي قدمته قناة "البي بي سي" الأولى وتحدّى الصور النمطية للمسلمين البريطانيين، بمهمة جديرة بالثناء في نشر آراء المسلمين البريطانيين الذين يشعرون بالارتياح لهويتهم. وقد أظهرت تلك المقابلات التزاماً أخلاقياً وروحياً قوياً بدينهم، لكنهم في الوقت نفسه كانوا مواطنين بريطانيين فخورين، وقد أظهروا مستويات عالية من الانخراط في التيار الرئيس للعملية الديمقراطية. وقد وجد استطلاع أجرته شركة بحوث بتكليف من القناة الرابعة أن المسلمين المهاجرين من الجيل الأول في بريطانيا كانوا يتوقون للانخراط، مدفوعين بالرغبة في الحصول على فرص عمل وتحقيق الازدهار. لكن مواقف الجيلين الثاني والثالث تبدو أكثر تعقيداً. فرغم معارضتهم الشديدة للإرهاب، فإن عدداً كبيراً منهم أظهر شعوراً بالانفصال؛ وعبّر ثلث الألف مسلم المستطلعين عن تفضيلهم العيش بموجب الشريعة الإسلامية. ومؤخراً، وجد مؤشر التعايش لمؤسسة غالوب أنه بينما ينظر 64 في المئة من الجمهور البريطاني إلى المشاركة والتطوّع على أنها مؤشرات أساسية للانخراط، فإن وجهة النظر هذه لم يقبل بها سوى 54 في المئة من المسلمين البريطانيين. وتعزو كمية هائلة من الأدبيات مشاعر العزلة هذه لسياسة بريطانيا، حيث نظرت عشرات الشكاوى إلى الحكومة البريطانية على أنها متآمرة وضالعة في سوء معاملة المسلمين. لكن هذا السرد مبسّط بشكل زائد؛ وهو لا يفسر سبب اختيار بعض البريطانيين المسلمين توجيه إحباطاتهم من خلال أساليب بنّاءة وديمقراطية، بينما يوجّه آخرون إحباطاتهم بأسلوب لا عقلاني. ومن أسباب عزلة المسلمين البريطانيين أن العديد من القادة الدينيين ليسوا على توافق مع احتياجات المسلمين من الجيلين الثاني والثالث. ففي العديد من مناطق المملكة المتحدة، يسيطر كبار السن في الجالية على المساجد ويعظون بتفسيرات للإسلام تركّز على الشعائر، لكنهم لا يفعلون ما يكفي لتجهيز أعضاء الجالية بالمهارات الضرورية ليصبحوا مواطنين نشيطين. ومن الأسباب الأخرى انتشار أطروحات تضفي الشيطانية على "الآخر" بدلاً من التركيز على إنسانيتنا وقيمنا المشتركة. وهناك العديد من المشاريع والمنظمات التي تهدف إلى تجهيز المسلمين للحياة المدنية والسياسية، وتوسيع مجالات الوصول إلى هذه الساحات. لكن حتى يتسنى للمسلمين البريطانيين أن يكونوا ناجحين بحق كمواطنين مشاركين، يجب أن تحصل ثلاثة أمور: أولاً، يجب أن يتم الاعتراف بهم في كل مجالات هويتهم، بدل إجبارهم على الوقوع في شرك "المسلم الرمز". ثانياً، يجب التوقف عن النظر إليهم على أنهم مجموعة متجانسة، ويجب تشجيع التعبير عن الآراء والممارسات المتنوعة عبر الدين حول قضايا مثل لبس الحجاب والتصويت في الانتخابات. ثالثاً، يتوجب على المسلمين تجنّب زرع سياسات بلدانهم الأصلية في بريطانيا. تاهمينا كازي مديرة منظمة "المسلمون البريطانيون من أجل ديمقراطية علمانية" ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية