خرج خلال الفترة الماضية عدد من التقارير التي تشير إلى تحسّن الأوضاع الاقتصادية لدولة الإمارات بشكل عام، ومن خلال هذه التقارير يمكن الاستدلال بأن الاقتصاد الإماراتي قد قطع أشواطاً طويلة على طريق الخروج من "الأزمة المالية العالمية" وما ترتب عليها من سلبيات وتداعيات غير جيدة، وتشير نتائج أحد المسوح الصادرة عن مؤسسة "بيت دوت كوم" إلى أن أكثر من نصف أصحاب الأعمال في دولة الإمارات لديهم النيّة لتشغيل أيدٍ عاملة جديدة في مؤسساتهم خلال الفترة المتبقية من العام الجاري 2010. وهناك دلالات اقتصادية عديدة لنتائج المسح المذكور لمؤسسة "بيت دوت كوم"، فهي تدلّ على أن الاقتصاد الوطني الإماراتي بات قادراً على توليد فرص عمل جديدة بشكل أفضل مما كان عليه الحال في المراحل الأولى من "الأزمة المالية العالمية"، في ظل تخطيط أصحاب الأعمال والمستثمرين لتوسيع أحجام أعمالهم وأنشطتهم وزيادة إنفاقهم الاستثماري خلال الفترة المقبلة، ما يدلّ بدوره على أن هناك تحسّناً ملحوظاً في ثقة المستثمرين بأداء الاقتصاد الوطني، وأن الاقتصاد بات قادراً على النمو واستيعاب التوسّعات التي يخطّط المستثمرون القيام بها، ويعني ذلك أيضاً أن الطلب المحلي الإماراتي حاليّاً يتمتّع بمقدار جيد من الفاعليّة، وبالتالي فهو قادر على تحريك عجلة النمو الاقتصادي في الدولة بوجه عام. وعطفاً على هذا التقرير المسحي فقد خرج مؤخراً تقرير آخر عن مؤسسة "الإيكونوميست" حول القطاع المالي الإماراتي، حيث تتوقع هذه المؤسسة أن يدخل القطاع المالي الإماراتي العام المقبل 2011 مرحلة من الاستقرار، نتيجة للنجاح الذي أحرزته السلطات النقدية الإماراتية ممثلة في "المصرف المركزي" في دعم سيولة هذا القطاع خلال الفترة الماضية، إلى جانب تغلّبها على المشكلات التي واجهتها خلال تلك الفترة. وإلى جانب أن تقرير "الإيكونوميست" الأخير يدلّ على مستوى الثقة العالمية التي بات الاقتصاد الوطني الإماراتي يتمتع بها حاليّاً، بتمكّنه من التغلّب على أكبر التحدّيات التي واجهته بسبب الأزمة المالية، فهو يدلّ أيضاً على أن القطاع المالي الإماراتي بات يتمتّع بمستويات جيدة من النضج، ليتحوّل كأحد القطاعات المالية الناشئة والأكثر جاذبية حول العالم، ما يساعد الاقتصاد الإماراتي على إدراك إحدى غاياته الرئيسية، ليكون مركزاً ماليّاً عالميّاً، وإلى جانب ذلك فإن تمكّن الاقتصاد الإماراتي بوجه عام والقطاع المالي بوجه خاص من التغلّب على التحدّيات التي عرقلت مسيرته خلال المراحل الأولى من الأزمة المالية العالمية يعدّ دليل كفاءة السياسات والإجراءات التي طبقتها السلطات النقدية والمالية الإماراتية في مواجهة تلك التحدّيات، وبالتالي فهو يمثّل مؤشراً إلى أن هذه السلطات لديها القدرة والخبرة الكافية على مواجهة الأزمات المالية والنقدية المماثلة في المستقبل، سواء كانت هذه الأزمات على المستوى المحلي أو على المستويين الإقليمي والعالمي. وبوجه عام فمن المتوقع أن يستفيد الاقتصاد الإماراتي بشكل عام من هذا الأداء سواء في ما يتعلّق بتوسّع أصحاب الأعمال في التوظيف خلال الفترة المقبلة أو تحسّن أداء القطاع المالي في الدولة خلال العام المقبل بما سينعكس على أداء الاقتصاد الوطني برمّته. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية