في اللحظة التي ستنتهي فيها انتخابات التجديد النصفي لعام 2010، سوف تبدأ الحملة الرئاسية لانتخابات 2012. وليس أمام أوباما الكثير مما يمكن أن يفعله إزاء هذا الجدول الزمني، خاصة إذا أراد الحصول على فترة ولاية ثانية. بيد أن أمامه مع ذلك خياراً متاحاً وهو كيف يصيغ شكل الحملة وشكل العامين المقبلين المتبقيين من فترة ولايته الأولى في الحكم. سوف يتلقى أوباما الكثير من النصائح حول التواصل مع المجمع الانتخابي المعزز لـ"الجمهوريين" كتكتيك من بين التكتيكات التي يمكن له اللجوء إليها، حيث من المتوقع أن يقابل تواصله هذا بالرفض الفظ. والغرض الذي سيحققه أوباما من خلال ذلك هو قضاء العامين المقبلين من حكمه في إظهار المعارضة المعززة لـ"الجمهوريين بأنها معارضة راديكالية ترفض أي نوع مع التواصل مع الآخرين، وليس لديها استعداد للتوصل لتسويات وحلول وسط، وبالتالي فإنها تفتقد إلى الصفات التي تمكنها من ممارسة الحكم. والكثيرون من "الجمهوريين" سوف يجعلون مهمة أوباما يسيرة، إذا ما قرر اتباع هذا الطريق. من هؤلاء على سبيل المثال" ميتش ماكونيل" زعيم الأقلية بمجلس الشيوخ، والذي لا يعتبر أكثر "الجمهوريين" اعتراضاً على سياسات أوباما، والذي قال مؤخراً في مقابلة أجراها معه الصحفي المعروف "ميجور جاريت" من مجلة "ناشيونال جورنال":"إن الشيء الأهم الذي نريد تحقيقه لأوباما هو أن يكون رئيساً لفترة واحدة". وهذا اعتراف يدعو للدهشة في الحقيقة. ألم ينتخب هذا الرجل للعمل مع الرئيس ومع زملائه في مجلس الشيوخ من أجل صالح هذا البلد؟. علاوة على ذلك نرى أن خطب أوباما في الآونة الأخيرة لم تتضمن ما ينم عن رغبته في التسامي فوق المنازعات الحزبية، فقد وجه على سبيل المثال خطاباً للاتين قال لهم فيه"عاقبوا أعداءنا" يوم الانتخابات، وخاطب "الجمهوريين" قائلاً: "تستطيعون الركوب معنا إذا أردتم، ولكن يجب أن تعرفوا أنكم ستجلسون في المقعد الخلفي". مع ذلك، قد نجد من يقول إن هذه هي نوعية الكلام الذي يقال في الحملات الانتخابية، وإنه لا جديد في ذلك، وإن العنصر الفاصل هو ما يحدث في يوم الانتخابات يوم غدٍ الأربعاء بالفعل والذي سيكون بداية لعهد جديد حقاً. هل سيشهد هذا اليوم حتماً شللاً عاماً وتبادلاً للوم، وثنائية حزبية زائفة مستخدمة كسلاح؟ هناك طريق ثان مفتوح أمام أوباما. وهذا الطريق ليس مضموناً نجاحه، ولكن من المؤكد أنه لن يؤدي إلى فشل عبثي وهو طريق: القيادة الرئاسية. وليس المقصود بهذا النوع من القيادة العمل على إلحاق الهزيمة بالأعداء وليس التركيز على القضايا الصغيرة التي جرى اختبار فعالياتها في الاستطلاعات والتأكد من أنها ستؤدي إلى زيادة نسبة تأييد الرئيس، ومنها على سبيل المثال: الزي المدرسي وإنما يقصد بها القيادة الحقيقية المتعلقة بالتصدي للتحديات الكبرى التي تواجه البلاد. فالبلاد، أولاً وقبل كل شيء، تخوض حرباً، على الرغم من أننا لم نسمع عنها شيئاً يذكر خلال الحملات الانتخابية التي جرت الخريف الحالي. وهزيمة أعداء أميركا تتطلب انخراطاً أميركياً صعباً وطويل الأمد في أفغانستان، والعراق، وباكستان وغير ذلك وهو انخراط عسير لم يُعِد أوباما الشعب الأميركي بشكل كاف من أجله. علاوة على ذلك تتعرض البلاد في الوقت الراهن لدوامة من الديون المتزايدة. وإذا لم يتم التحكم في هذه الديون، فإن العجوزات التي ستترتب حتماً على ذلك سوف تؤدي إلى انخفاض مستوى معيشة الأميركيين وتآكل القيادة الأميركية في الخارج. وهذه المشكلة، للإنصاف، أكثر مرونة هنا عما هي عليه في البلدان الأخرى لأن العوامل السكانية تلعب لصالحنا( المزيد من المهاجرين وتباطؤ عملية شيخوخة المجتمع مقارنة بما عليه الحال في أوروبا واليابان والصين). ويضاف لذلك أن المناخ الاستثماري لدينا أكثر ملاءمة وإن كان يتعين القول إن حل العقبات التي يمكن أن تعترض طريق الاستثمار لدينا يتوقف على قدرة الحكومة على تغيير المسار. هناك بالطبع عوامل سلبية منها الفقر المتجذر في الطبقة الدنيا من الأميركيين من أصول أفريقية ومستويات البطالة المرتفعة التي قد تكون دورية أو قد لا تكون كذلك، بالإضافة للبنية التحتية المتداعية، ونقص الاستثمار في المجالات العلمية، والمناخ الذي يزداد احتراراً. وأي من هذه المشكلات قد تلقي ظلالاً من الشك على مستقبل أميركا كما أنها في مجملها ليست من النوع الذي يسهل حله. وهذا يتطلب نمطاً خاصاً من القيادة. تتطلب قائداً يسمو بنفسه فوق الاعتبارات الحزبية ويسعى للتقارب مع الحزب الآخر من أجل تحقيق مصلحة البلاد ويسعى إلى التواصل مع رجال الأعمال وليس إلى شيطنتهم لأن تعاون الجميع مطلوب من أجل خير أميركا لأنه عندما يمد يده إليهم فإن النتيجة الطبيعية ستكون أن هؤلاء سوف يسعون إلى تأييده والوقوف بجانبه وسوف يقف بجانبه أيضاً الناخبون المستقلين الذين لا يزال يراودهم الأمل في تحقق التغيير في المناخ السياسي الذي كان قد وعد به في حملته الرئاسية السابقة عام 2008، وتأييد الناس العاديين الذين تلقوا ضربات قاسية ليس لهم فيها دخل ولا لهم قدرة على التحكم فيها والذين يريدون خطاباً صريحا بشأن الاتجاه الذي تسير فيه البلاد. وهؤلاء الناس سوف يكون لديهم القدرة على تبيان ما إذا كانت القيادة التي يرونها أمامهم هي قيادة حقيقية أم مدعاة، وما إذا كان التقارب الحزبي الذي يرونه أمامهم هو تقارب استعراضي أم أنه الشيء الحقيقي. لا شك أن الكثيرين سوف يفضلون الشيء الحقيقي، وهذا الشيء قد يساعد أوباما أيضاً في انتخابات عام 2012. فريد حياة كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس"