اقترح حازم صاغية في مقاله الأخير إجراء "تسوية في قراءة التاريخ"، والتاريخ المقصود هنا هو تاريخ لبنان المعاصر، لاسيما مرحلة الحرب الأهلية وما حدث خلالها من مجازر لا زالت التهم فيها تتلبس أي حوار للمصالحة الوطنية في لبنان. وتقوم القراءة الجديدة على الأخذ بمبدأ الشك في كل ما يعتبر ثابتاً حول أحداث الحرب وجرائمها، وهو ما يمكن أن يمهد لصفح متبادل واعتذار يقدمه كل طرف للأطراف الأخرى، بما في ذلك المنظمات الفلسطينية التي سيكون عليها أن تعتذر لمسيحيي لبنان. لقد وافقت الكاتب على فكرته دون تردد، لكني اصطدمت بالعتبة التي وضعها في وجه المصالحة حين قال: "نحن في لبنان لا نختلف على برنامج سياسي... بل خلافاتنا تنتسب إلى نوع آخر أشد جذرية ونزاعية، أدواتها الطوائف والأديان والجماعات". إنها عتبة تصادر على التسوية، بل تلغي أي إمكانية لبناء الدولة الوطنية، والأكثر طرافة كونها تلغي فكرة المقال من أساسها! محمود عزمي -بيروت