لم تخل الحروب الكبرى في منطقة "الشرق الأوسط الكبير"، خلال الأعوام الأخيرة، من شعارات مدوية و"مشاريع" عريضة تعد بتحرير المرأة وبالتمكين لها والنهوض بأوضاعها. ولعل الخطاب حول أفغانستان بالذات كان مثالاً على تسييس المسألة النسائية في صراعات ما بعد الحرب الباردة في المنطقة. وفيما طويت بشكل كامل تقريباً صفحة النقاش حول البرقع، حيث لا زالت ملايين النسوة الأفغانيات يرتدينه بعد تسعة أعوام على سقوط نظام "طالبان"، فقد اتضح أن البرقع ليس العدو الرئيسي للحياة هناك، وأن الخطر الذي يتربص بالجميع، رجالاً ونساءً، إنما هو الفقر والعوز والتردي الاقتصادي. وفي هذه الصورة، نرى ملصقات لإحدى المرشحات خلال الانتخابات الأخيرة، بأحد الشوارع في كابول، وقد جلس تحتها شاب أفغاني يغني حاله عن مقاله، إذ بدت عليه علامات الإعياء والضياع واضحة، في خضم بحر من البطالة والفقر وسوء الأحوال الاقتصادية. فكم من امرأة، أم أو زوجة أو أخت، وراء هذا الشاب وبانتظاره؟! لا حرية بدون كرامة، ولا كرامة مع الفقر... فالفقر أخطر عدو لحرية الإنسان، رجلاً كان أم امرأة!