جلبت جلسات الاستماع العلنية حول عمليات التكسير الهيدروليكي (Fracking)، مئات المحتجين إلى بنجهامبتون، بولاية نيويورك، حاملين لافتات وهاتفين بشعارات تعارض أو تؤيد توسيع هذه العملية المثيرة للجدل لاستخراج الغاز الطبيعي من الصخور. وتعد جلسات استماع "وكالة حماية البيئة" جزءاً من تحقيق موسع بدأ في مارس الماضي حول تأثيرات عملية "التكسير" على الصحة البشرية والبيئة، حيث يتم التركيز بشكل خاص على التأثيرات الكيماوية المحتملة لسوائل عملية "التكسير" على إمدادات الماء بعد ضخها في الأرض من أجل استخراج الغاز. غير أن دراسة جديدة أجرتها "منظمة الطاقة العامة الأميركية" وجدت أنه "حتى في حال استمرار عمليات التكسير، فإن تلبية احتياجات سوق أكبر حجماً ستتطلب مزيداً من عمليات الحفر، وهي عمليات بلغت اليوم مستويات قياسية أصلا". ففي ولاية بنسلفانيا، على سبيل المثال، تم حفر 1600 بئر على الأقل عبر طريقة "التكسير" حتى الآن، إضافة إلى إصدار حوالي 4000 ترخيص. لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أنه بينما يؤدي تدفق الغاز الطبيعي إلى انخفاض الأسعار، فإن محطات توليد الطاقة الكهربائية بدأت تنظر إليه بشكل متزايد كبديل جيد للفحم، وهو ما سيعني توسيعاً كبيرا لعمليات "تكسير" الصخور. والواقع أن رواسب الصخور الغنية، التي توجد في نيويورك وبنسلفانيا وأجزاء أخرى من الشمال الشرقي، يمكن أن تزود المنطقة بتريليونات الأقدام المكعبة من الغاز الطبيعي على مدى عقود، حسب بعض التقديرات. إلا أن بعض المعارضين يقولون إن العملية التي يتم فيها ضخ أطنان من المواد الكيماوية السامة في الأرض تحت الضغط، يمكن أن تتسبب في تلوث المياه الجوفية وتساهم بشكل كبير في تلوث الجو. غير أنه بفضل توسيع استعمال عملية "التكسير"، ارتفعت احتياطيات الغاز الطبيعي الأميركية؛ حيث يفيد تقرير "منظمة الطاقة العامة الأميركية" بارتفاع احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة بأكثر مما يكفي لتغطية الاستهلاك المسجل خلال السنوات الـ15 الأخيرة. ويقدر إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي اليوم بحوالي 245 تريليون قدم مكعب، أي ما يكفي لتلبية احتياجات من مستوى عام 2009 لأكثر من عشر سنوات، كما يقول التقرير. وإضافة إلى ذلك، تعدد الدراسة التي أنجزتها "منظمة الطاقة العامة الأميركية" بعض التأثيرات البيئية التي كشفتها منظمات أخرى؛ مشيرة إلى دراسة أجرتها مؤخراً هيئة حماية البيئة في مدينة نيويورك، على سبيل المثال، وقد وجدت أن "تكسير" بئر واحدة قد يحتاج إلى "ضخ نحو ثمانية ملايين جالون ماء ونحو 300 طن من المواد الكيماوية" فيها بضغط مرتفع على مدى عدة أيام. وتفيد دراسة مدينة نيويورك بأن "حوالي نصف السوائل التي يتم ضخها تعود إلى أعلى البئر"، مضيفة أن "الماء الذي يعود إلى أعلى البئر يميل إلى الاحتواء على هيدروكربونات ومواد صلبة ذائبة؛ وهو ما يستدعي التخلص منها عن طريق الضخ في باطن الأرض أو المعالجة الصناعية". أما معالجة المياه المستعملة التقليدية، فهي "غير ممكنة"، كما تقول. وبالنظر إلى أن مياه الضخ تنقل على متن الشاحنات عادة، لكن الدراسة التي أجرتها مدينة نيويورك تتحدث عن "الحاجة إلى 1000 رحلة عبر الشاحنة أو أكثر لكل بئر من أجل جلب المياه والمعدات ثم نقل المياه المستعملة من الموقع". على أن ذلك ليس هو نهاية القصة، إذ بينما يقل الإنتاج، فإن عملية "التكسير" تكرَّر على البئر، حيث تحتاج بعض آبار الصخور الغازية لعملية "التكسير" كل خمس سنوات على مدى فترة من 20 إلى 40 سنة. وفي هذا الإطار، تصف دراسة مدينة نيويورك عملية "التكسير" بأنها "عملية متواصلة، وليست شيئاً يحدث فقط عندما يتم حفر الآبار أول مرة". ويقول خبراء البيئة ومحللو شؤون الطاقة إن جلسات استماع "وكالة حماية البيئة" من المرجح أن توسِّع النقاش بموازاة مع ظهور مزيد من المعلومات حول عملية "التكسير". وفي هذا السياق، يقول سكوت أندرسون، مستشار السياسات في "صندوق الدفاع عن البيئة"، إنه "لم يسبق أن قاموا بدراسة وافية وشاملة لعملية التكسير الهيدروليكية مثل تلك التي بدؤوها مؤخراً"، ليضيف أن "نتائج هذه الدراسة ستشكل مرجعاً لقرارات الكونجرس المستقبلية بشأن الاستمرار في إعفاء عمليات التكسير الهيدروليكي من القانون الفيدرالي حول الماء الصالح للشرب". والواقع أن الكثيرين يجهلون التركيبة الكيماوية لسوائل عملية "التكسير". ويذكر هنا أن مدينة نيويورك علقت إصدار التراخيص إلى حين توفر مزيد من المعلومات حول تلك السوائل. وإذا كان قطاع الغاز الطبيعي يقول إن الكثير من المواد الكيماوية في مثل هذه السوائل يمكن إيجادها تحت حوض الغسيل في المطبخ، فلطالما قاوم القطاع تحديد تلك المواد الكيماوية. غير أن هذا الأمر قد يتغير قريباً؛ ذلك أن جلسات استماع "وكالة حماية البيئة" يمكن أن تدفع الكونجرس إلى المطالبة بكشف المواد الكيماوية في سوائل عمليات "التكسير"، كما يمكن أن تلغي إعفاء عمليات "التكسير" من تبعات "قانون الماء الصالح للشرب"، كما يقول كيفن بوك، محلل شؤون الطاقة بشركة "كلير فيو إينرجي بارتنرز" المتخصصة في مجال الطاقة. ---------- مارك كلايتون كاتب أميركي متخصص بالشؤون العلمية ---------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"