تعيش دولة الإمارات منذ يوم الجمعة الماضي حالة فرحة كبرى، بمناسبة عودة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، إلى أرض الوطن بعد رحلة علاجية في الخارج كُللت بالنجاح. وبعودة سموه، التأم الشمل وعادت الطمأنينة إلى قلوب الشعب على صحة قائده، وعاش الناس، مواطنين ومقيمين، وقد كانت قلوبهم ومشاعرهم مع سموه في رحلته العلاجية، حالة فرحة هي أعمق من أن تعبر عنها الكلمات. ومثلما لم يتوقف الشعب عن الدعاء خلال الفترة الماضية لخليفة الخير كي يلبسه الله ثوب العافية، فإن الفرحة شملت كل الأوساط و المستويات: الشيوخ، والمسؤولين، والمواطنين، والمقيمين، في صورة نادراً ما نجدها في غير أيام الأعياد والمناسبات العامة، فهذا اليوم كان فعلاً "عيداً للإماراتيين" بعودة قائدهم. إن ما تم من تعبيرات للفرحة، وما يتم من تبريكات وتهان بعودة قائد المسيرة، أقل ما يمكن قوله فيه أنه تأكيد على مكانة صاحب السمو رئيس الدولة، وهو الذي بادلهم هذا الحب، في قلوب شعبه، وكذلك عند قادة العالم الذين تسابقوا أيضاً على تهنئته. وتكمن روعة الفرحة الإماراتية بعودة القائد في أنها عفوية ومن دون تخطيط مسبق، وهو أمر له عند المراقبين دلالات سياسية حول طبيعة العلاقة التي تجعل شعباً بأكمله، مواطنين ومقيمين، ينزل إلى الشارع للتعبير عن فرحة وصول قائده، خاصة أن أغلبهم لم يكن يعرف موعد وصول سموه من رحلة العلاج، لكن فجأة تحول الأمر إلى كرنفال كبير، شمل كافة أنحاء الدولة، ما يؤكد العلاقة المتينة بين الشعب وقائده. كما أن استمرار المظاهر الاحتفالية والتهاني، هو دليل على المحبة التي يكنها هذا الشعب لقائده، ولاشك أن هذه المحبة مبنية على مواقف، وهي ليست وليدة اللحظة، بل امتداد لسياسة قائد فريد من نوعه هو المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وحتى نفهم طبيعة تعلق هذا الشعب بقادته، يتعين عدم التركيز على الجانب السياسي بين الحاكم والمحكوم، والانطلاق إلى الفهم الأوسع والأشمل لنهج الشيخ خليفة، ومن قبله الشيخ زايد، في الاهتمام بتفاصيل الحياة اليومية للمواطنين، وهي ميزة يتفرد بها قادة الإمارات. فقد كان سموه يهتم بالقضايا اليومية لهم، وقد نجح في صياغة علاقة من صنف آخر، في زمن تركزت فيه علائق السُّلَطات بشعوبها على المصلحة السياسية، وربما كان هذا هو سر نجاح التجربة التنموية الإماراتية. فهذا الحب واقعي، ولا يمكن الفصل فيه بين المشاعر الإنسانية للقائد وبين مهامه السياسية كرئيس للدولة ووالد للشعب. وعندما تصل العلاقة بين القائد وشعبه إلى درجة العلاقة "الأبوية"؛ درجة وجود القائد في كل تفاصيل حياة المواطن، المواطن المتطلع إلى القائد في الآمال المتعلقة به؛ فإن الاستقبال لابد أن يكون بالطريقة التي نراها الآن، فعندنا في دولة الإمارات "معادلة" مختلفة في علاقة الحاكم بشعبه. لقد برهن الشيخ خليفة أكثر من مرة أنه قريب إلى المواطن وهمومه اليومية، لذا كان هذا الحب الكبير لسموه من الجميع، ولهذا يمكننا أن نفهم هذا الالتفاف الكبير والعظيم حوله دائماً.