"عمارة يعقوبيان"، و"نيران صديقة" و"شيكاغو"... روايات لعلاء الأسواني، طبيب الأسنان والكاتب الأديب في صحيفة "العربي الناصري" و"الدستور" و"الشروق"، الذي حاز على جائزة "برونو كرايسكي"، التي فاز بها المناضل الأفريقي نيلسون مانديلا. رواياته كانت إعادة للرمزية التي تمزج السياسي بالاجتماعي، وتميزت بالجرأة في معالجة قضايا اجتماعية كالفساد والتدين القشري. والمهم في الأمر قصته مع الكتابة في "الشروق"، حيث تعرضت الصحيفة لضغوط كبيرة لمنعه من الكتابة، وتمت محاربة صاحب الصحيفة بكل الوسائل لحثه على وقف علاء من الكتابة، وشعر علاء بأنه تسبب بخراب اقتصادي ومالي لصاحب الصحيفة، فقص الحق من نفسه، وأوقف نفسه عن الكتابة والمثير بأن صاحب الصحيفة رفض طلب علاء، وأصر على استمراره. والقصة هي رواية بحد ذاتها، فهي مشهد يتكرر في عالمنا العربي، فاليوم إذا كان صاحب الصحيفة من ذوي النفوذ المالي، فالكتابة تخضع للمساومة السياسية، فعندما يحقق صاحب الصحيفة مصالحه، فالكاتب يخرج من المعادلة، فالصحيفة أو أي أداة إعلامية تحولت إلى اقتناص المصالح الخاصة. الكاتب يحاصر أحيانا بقيود عديدة إلا أن ظهور المنتديات، قلص دور هذه القيود حيث اليوم نجد منتديات عديدة يعبر أصحابها عن أفكارهم في حدود ما هو مسموح به. "الأسواني" شعر بالضيق لما سببه لصاحب الصحيفة، وقيل إنه قد يستخدم المقالة الأدبية عوضاً عن السياسية، ويكتب في عالم الأدب ويعبر عن همه السياسي، دون أن يتجاوز الخطوط الحمراء، لكي يمنع الضرر عن صاحب الصحيفة. الحصار له أشكاله المتعددة، منه الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والنفسي. واليوم بفضل التقنية الحديثة، نقاوم الحصار الإنساني الذي نلجأ لكسره إلى الحوار الافتراضي، وعالم الأحلام، حيث نتحرر من القيود لنصيب رموز الواقع وكثير من الكتاب نجحوا في عالمهم الافتراضي، كما حدث مع "الأسواني" في مقالته "عشاء مفاجئ مع شخصية مهمة"، والكاتب السعودي حسين شبكشي وغيرهم من الكتاب الذين يجدون في العالم الافتراضي متنفساً كبيراً للتعبير عن ألم الواقع. العالم الافتراضي يفرض نفسه اليوم بقوة على الكُتاب خوفاً من المقاضاة، في الوقت الذي يقولون لنا إنه عالم العولمة الذي انكسرت فيه الحدود. ولكن يبدو أن حدوداً جديدة شيدت لمحاصرة التواصل، ولمنع انتقال الفكرة، وتداولها، أو حتى مناقشتها، فهناك من يخاف القلم والكلمة. التغير يكتسح العالم، إلا أن عالمنا العربي يقف صامداً، ليس لقوته بقدر ما هو هاجس الخوف الذي حبس العقل. تذكرت ما كتبه الكاتب والصحفي الأميركي المشهور الذي كتب كتابة"ساند كاسل" sand castles " قلاع من الرمال، الذي يحكي قصة عالمنا العربي، العالم الذي يبني على الرمال ويشيد الجسور وناطحات السحاب، وهو العالم الذي يخاف الانفتاح والحداثة. فالكتاب يبين للقارئ حدة التناقضات التي يعيشها عالمنا، فهو عالم يجهل ما يريد. وكما قال القصيبي رحمة الله عليه في إحدى كتاباته بأننا بفعل النفط وثرواته ملكنا الخاتم السحري، فأصبح كل شيء يشترى وتعطل العقل عن عمله وفعله. دائماً كنت أردد بأنه عالم يعيش الانفصام النفسي، وربما لكوني عالم اجتماع، أجد بأن الأمم التي تنكسر قيمها لا نهضة لها.