قرأت مقال الدكتور حسن حنفي ليوم السبت الماضي، وعنوانه "أساطير الصهيونية... وأساطيل الحرية"، وقد أعجبني ربطه بين الأساطيل والأساطير، ليس فقط لناحية الإيقاع السجعي بين الكلمتين، ولكن أيضاً للتقابل السياسي والإعلامي بين المصطلحين في هذه الحالة تحديداً. فقد قامت إسرائيل على أساطير تلمودية وصهيونية معروفة، هي الأساطير التي تصدى لها الفيلسوف الفرنسي الراحل روجيه جارودي، فدفع ثمناً غالياً لجهده البحثي الرصين في إبراز الأساس الديني الأسطوري لكثير من طروحات الحركة الصهيونية. لكن أساطيل الحرية التي طفقت منذ نحو عامين تقريباً تحاول كسر الحصار المفروض براً وبحراً وجواً على مليوني شخص في قطاع غزة، كان لها هي أيضاً مفعولها المهم في كشف زيف الأساطير التي طالما روجت لها إسرائيل وسربتها إلى العقل الباطن للعالم والرأي العام العالمي، ومنها أن إسرائيل دولة متحضرة تعيش وسط بحر من الهمجية والقسوة والصلف! وأنها دولة وشعب يسعيان للسلام والعيش في أمان، وليس لإلحاق الأذى والضرر بطرف آخر! وأن الشعب الفلسطيني شعب إرهابي بطبعه وليس شعباً مكافحاً من أجل حريته!.. لقد بدأت تلك الأساطير تتبدد على ضوء حقيقة إسرائيل كما ظهرت للعالم من تعاملها مع أساطيل الحرية، وهي أساطيل مدنية تحمل مواد إغاثة إنسانية، لكنها عوملت كما لو كانت بوارج حربية معادية! نادر عمر -القاهرة