أصبحت المشكلة الطائفية في الخليج تشكل هاجساً أمنياً مقلقاً لدول الخليج العربية، خصوصاً وأن الصراع أصبح له أبعاد محلية وإقليمية. فالمجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي دعا المملكة المتحدة إلى التعامل بجدية مع المجاميع والشخصيات الداعمة للإرهاب وإبعادهم من أرضها وعدم منحهم حق اللجوء السياسي، وذلك للضرر الذي يسببونه لأمن واستقرار دول المجلس. وأبدى وزراء الخارجية في الخليج دعمهم المطلق لكافة الإجراءات التي اتخذتها البحرين لمواجهة الأعمال الإرهابية. ويأتي التحرك الخليجي الجديد بعد أن شهدت البحرين أحداثاً مؤلمة تمثلت بقيام المظاهرات وقذف قنابل المولوتوف وإحداث الحرائق والشغب. وقد ألقى العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى كلمة أكد فيها بأن الحكومة، وهي المسؤولة عن الشؤون الدينية، ستولي المزيد من العناية للمنابر الدينية والحرص على ألا يعتليها إلا من تتوافر فيهم الكفاءة العلمية اللازمة والمواطنة الصالحة والخُلق الحسن والاعتدال ونبذ العنف. وتأتي الأحداث الطائفية في البحرين، بينما يتواصل السجال في الكويت بين بعض كتاب الزوايا بالصحف ونواب مجلس الأمة، حيث يتراشق النواب السُنة والشيعة بالاتهامات، ويتهم كل طرف الطرف الآخر بإثارة الفتنة وتمزيق الوحدة الوطنية. وقد طالب أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح المواطنين بالحذر والابتعاد عن الفتنة الطائفية ودعا الجميع إلى التمسك بالوحدة الوطنية. والتساؤل الذي علينا طرحه: لماذا أثيرت القضية الطائفية في الخليج اليوم؟ ومن المسؤول عنها؟ وما هي أسبابها؟ ومن الذي يقوم بتحريكها؟ وكيف يمكن تفادي عواقبها ومخاطرها؟ تكاثرت عوامل الاختلاف بين السُنة والشيعة في المجتمعات العربية والخليجية في السنوات الأخيرة، فبدأت تخرج للعلن وتمثل الصدارة في الأحداث المحلية والعربية... وهي كلها مؤشرات خطيرة تتطلب من جميع العقلاء في دول الخليج التحرك بهدوء لوأد الفتنة، ليس بإطلاق الشعارات الخاصة بالوحدة الوطنية والادعاء بأن بلداننا آمنة ومستقرة وبعيدة عن الصراعات المذهبية... بل علينا أن نقر ونعترف بالصعود الكبير للأقلية الشيعية في الحياة السياسية العامة في الخليج، منذ اكتشاف النفط واستقلال دول الخليج والانتخابات العامة. إلا أن البعض من الخليجيين الشيعة يتصور بأن هناك تفرقة ضدهم في المناصب الحكومية العليا، وفي الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة، وأن الشيعة يواجهون العديد من المشاكل والمعوقات في محاولتهم الحصول على تراخيص لبناء الحسينيات ودور العبادة الخاصة بهم. لكن مشكلتنا في الخليج هي أننا بدلاً من معالجة قضية الطائفية بعقلانية وحكمة، بدأنا بتسييس مفرط لهذا الموضوع بحيث أصبح من الصعب التمييز بين الحقيقة الواقعة وبين الأجندات السياسية التي توظفها الأحزاب الدينية المتطرفة. ومن بين مظاهر تسييس القضية الطائفية الاتهامات التي يطلقها بعض النواب والكُتاب، في البحرين والكويت، ضد خصومهم الذين يختلفون معهم في الرأي، وذلك عبر اتهامهم بالتبعية لهذا النظام أو ذاك. الشيعة في الخليج مواطنون مخلصون وأوفياء لبلدانهم، ولا يجوز اتهام أي منهم بالولاء لبلدان أخرى إلا بإثبات ذلك من خلال القضاء العادل. علينا في الخليج، سُنة وشيعة، توحيد صفوفنا والوقوف معاً ضد الفتنة الكبرى الجديدة. د. شملان يوسف العيسى