كل عام وأنتم إلى الله أقرب، وتقبل الله منا الصيام والقيام. في هذه الأيام نحتفل جميعاً بانتهاء موسم للخير هو رمضان. هذا الشهر الذي منَّ الله تعالى به على أهل الإسلام ليكفر به من ذنوبهم. ففي الحديث "رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما"... وهذا هو سر السعادة والبهجة التي يشعر بها المسلم في نهاية كل يوم من رمضان وتحديداً يوم العيد. فأكثر مصادر الشقاء في حياة المسلم مرتبطة بالذنوب، التي تنقض ظهر المرء، فيحاول أن يكون سعيداً لكن نفسه اللوامة تجبره على حوار جاد مع الذات يجلد بهذا الحوار نفسه ويراجع حساباته. ولا يجد له توجهاً للسعادة وهو بعيد عن ربه. متى ما تاب المسلم من ذنبه غفر الله له، وبدل سيئاته حسنات... قال تعالى "إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً، فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات"، فياله من كرم، وياله من خالق يعرف أن عبده مذنب، لأنه من أبناء آدم. ولكن خير الخطائين التوابون كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام. كل عام وأنتم إلى الله أقرب بترك المعاصي والتوبة من الخطيئة مهما كانت. ومن أراد منا العيش في مثل هذه السعادة، فعليه بتجديد توبته كلما هم بمعصية هكذا تعلمنا من رمضان. وتعلمنا من رمضان أن السجود هو انخفاض للأرض، لكنه رفعة في السماء. فمن شعر في يوم من الأيام بإحباط ويأس وملل من هذه الحياة، وأراد أن يزكي نفسه ويرفع من شأنه فعليه أن يهوي إلى ربه ساجداً على الأقل خمس مرات في اليوم، لأن الصلاة ركن أساسي من الإسلام. تعلمنا من رمضان أن النفس بحاجة إلى تزكية، وأن الجوع من أفضل فصول تلك المدرسة، وهذا ما أقرته حتى الديانات البشرية التي التزمت بالرهبنة والصيام لتزكية النفس، الصيام مدرسة لتزكية النفس الجامحة من شعر في لحظة ضعف بتطرف وتشرف في نفسه، فليجمح ذلك بالصيام وإذا كان رمضان قد ودعنا، فإن نبي الإسلام شرع لنا صيام التطوع لذلك. كل رمضان وأنتم بخير... تعلمنا منه كل جميل، ورأينا أن المال مؤشر واضح في طريق التقرب إلى الله تعالى. ومن أصعب العبادات أن يخرج الإنسان من ماله، هذا صراع يعيشه الكثير من الناس وبالذات أصحاب المليارات عندما يجد أن زكاة ماله جاوزت الملايين فيتردد كثيراً في إخراجها معتقدا ًأن ذلك يحفظ له ماله وفي حقيقته هو يهلكه بالزيادة المحرمة ويحرق نفسه بهذا الصراع. وكم ارتاح من أدى زكاة ماله وطهره من حق الفقراء، لأنهم هم من يملك هذا الحق، ولست أنت، فإنْ أخرجت زكاة مالك، فقد نجحت في إرجاع الحق لأهله، وإنْ ترددت فقد أخذت مالاً ليس لك، بعد رمضان يستمر العطاء بالصدقات التطوعية. رمضان صلة للأرحام، التي هي سر قوة هذه الأمة والعيد يأتي تتويجاً لهذه الصلة التي ينبغي أن لا تنقطع طوال العام. ومن أروع طرق تزكية النفس والانتصار عليها، أن تعفو عن من قصر في حقك، فتبادره في هذا اليوم بالسلام لقول نبينا محمد وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.