الإحصاءات التي نشرتها الصحف المحليّة، مؤخراً، حول أداء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية خلال النصف الأول من العام الجاري، تشير بوضوح إلى تنامي الدّور الذي تقوم به في خدمة الاقتصاد والمجتمع على حد سواء، فقد أشارت إلى أن مبيعات 15 جمعية تعاونية استهلاكية في الدّولة ارتفعت بنسبة 4.5 في المئة إلى 2.3 مليار درهم خلال النصف الأول من العام الجاري، مقابل 2.2 مليار درهم للفترة نفسها من العام الماضي، وهو الأمر الذي يعني أنها أصبحت تشكّل الوجهة المفضّلة للتسوق لدى شريحة عريضة من أفراد المجتمع. الدور المهمّ الذي أصبحت تقوم به الجمعيات التعاونية الاستهلاكية تتعدّد مظاهره وأهدافه، فعلى الصعيد المجتمعي باتت تقوم بدور رئيسي في تعميق مفهوم المسؤوليّة المجتمعيّة، لأنها وبما تقدمه من عروض ترويجية تأخذ في الاعتبار البعد الاجتماعي بأن تكون أسعار السلع والمنتجات في متناول الفئات ضعيفة الدخل في المجتمع، وهي بهذا الجانب المجتمعيّ تكمل الدور الذي تقوم به الدولة تجاه أفراد المجتمع وخدمة قضاياه، خاصة بعد أن بدأت الدولة في الانسحاب تدريجيّاً من قطاعات رئيسيّة تخدم المجتمع إثر برامج الخصخصة والإصلاح الاقتصادي، وبات من الضروريّ في ظل هذا الوضع وجود مؤسسات نفع عام كالتعاونيات تمارس دورها في خدمة المجتمع. والدور الاقتصاديّ الذي تقوم به الجمعيات التعاونية لا يقل في أهميته هو الآخر عن الدور المجتمعيّ، خاصة أنها بما تمتلك من خبرات تجارية تراكمية واستثمارات وإمكانات لوجيستية وبشرية، قادرة فعليّاً على أن تكون الذراع الحقيقيّة لإحداث قدر هائل من التوازن في آليات العرض والطلب بحكم مقدرتها على كسر طوق الاحتكارات، وجذب الشريحة الكبرى من المستهلكين، الأمر الذي يعني أنها أكثر من غيرها قدرةً على ضبط أداء الأسواق، ولجم أيّ تحركات أو قفزات غير مبررة في حركة الأسعار، حيث تعمل الجمعيات هنا على مقاومة اتجاهات رفع الأسعار والاكتفاء بهامش ربح بسيط، وتغطية التكلفة من خلال معدل دوران السلعة وحجم المبيعات. كما أنها، ومن خلال ما تقدّمه من عروض ترويجية على مدار العام في المناسبات المختلفة، تسهم بشكل كبير في انخفاض الأسعار، حيث تطرح تخفيضات تتراوح بين 20 في المئة و40 في المئة لكثير من السلع الغذائيّة والاستهلاكيّة. إن الدور الإيجابيّ الذي تقوم به التعاونيات على أكثر من صعيد، وإقبال نسبة كبيرة من المستهلكين على ما تقدمه من عروض ومنتجات وسلع، يشيران إلى أنها باتت من القطاعات الحيويّة التي قد تشهد مزيداً من التوسع والانتشار في المستقبل، لتكون حاضرة في مختلف مدن الدولة ومناطقها، ولكي تتمكّن من الوصول بخدماتها إلى جميع المستهلكين في الدولة، وليس أدلّ على ذلك من التزايد الملحوظ في أعدادها، وفي حجم رأسمالها وأصولها من عام إلى آخر، حيث تشير الإحصاءات إلى أن رأسمالها بلغ 699 مليون درهم تقريباً العام الماضي، محققاً بذلك زيادة بلغت 118.8 مليون درهم مقارنة بميزانية عام 2008، كما بلغ عدد المساهمين فيها نهاية العام الماضي 44623 مساهماً، بزيادة بلغت 8467 مساهماً بنسبة 23.92 في المئة بالمقارنة بما كانت عليه في عام 2008. ولهذا فإن من المهمّ والضروريّ العمل في الفترة المقبلة على استثمار النجاح الذي حقّقته التعاونيات، والبناء عليه من أجل تعظيم مردوداته في خدمة المجتمع. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.