أشار تقرير أخير نشرته مجلة "ميد" إلى أن إمارة أبوظبي تعدّ الأكثر اهتماماً وتحمساً لدعم المشروعات الخاصة في مجالات المياه والطاقة في منطقة الخليج العربية كلّها، مؤكداً أن الإمارة قد نجحت في استقطاب كمّ من الاستثمارات في هذا المجال يبلغ نحو 16 مليار دولار خلال العام الجاري، ولم يغفل التقرير عن الأفق المستقبليّة الواعدة التي تمتلكها إمارة أبوظبي في هذا الشأن، كونها تمتلك إمكانات اقتصاديّة وماليّة تؤهلها لاستجلاب المزيد من هذه الاستثمارات في المستقبل. ولا يمثل هذا الحجم الكبير من الاستثمارات الخاصة الموجّهة إلى قطاع الطاقة والمياه في إمارة أبوظبي إلا نتاجاً لاستراتيجية عامة تتبعها الإمارة بهدف تحقيق أمن الطاقة والمياه لديها، تحرص الإمارة على تنفيذها، سواء من خلال مبادرات حكوميّة مباشرة، أو من خلال فتح الباب أمام الاستثمارات الخاصّة لتنفيذ بعض المشروعات في هذا المجال الحيوي، ونتيجة لهذه الاستراتيجية المتوازنة فقد تمكّنت الإمارة من تحقيق اكتفاء ذاتي، ومن ثم فائض في ميزان الطاقة الكهربائيّة لديها، حيث إنها تمتلك حاليّاً طاقة توليدية تبلغ نحو 10 آلاف ميجاوات وفقاً لبيانات "مكتب التنظيم والرقابة على قطاع الماء والكهرباء" في أبوظبي، ويفوق هذا الإنتاج استهلاك الإمارة بنحو ثلاثة آلاف ميجاوات، وتتم الاستفادة من نحو نصف هذا الفائض في مجالات إنتاج المياه وتحليتها في الإمارة، وتصدّر الكمية المتبقية إلى إمارتي دبي والشارقة. وتماشيّاً مع هذا التوجّه على مستوى قطاع الطاقة تتعامل إمارة أبوظبي بالأسلوب نفسه على مستوى قطاع المياه، إذ إنها تضع تصوراً شاملاً للقطاع في الحاضر والمستقبل في إطار "الرؤية الاقتصاديّة لأبوظبي 2030"، وتستهدف توفير كميات المياه الكافية لتلبية احتياجات النمو والتنمية في مختلف القطاعات الاقتصاديّة في الإمارة، وتخطّط الإمارة في استراتيجيتها المستقبلية في هذا الشأن لتنفيذ نحو 50 مشروعاً، تهدف في مجملها إلى تحسين نوعية المياه وكميتها في الإمارة، آخذة في اعتبارها مستويات الاستهلاك المرتفعة، التي تعدّ من أعلى معدلات الاستهلاك في العالم، إذ يقدّر معدل استهلاك المياه في أبوظبي بنحو 550 لتراً للفرد في اليوم، وبجانب مشروعات زيادة الإنتاج تخطّط الإمارة لتنفيذ العديد من المشروعات التي تساعد على ترشيد هذا الاستهلاك، وجعله أكثر كفاءة. وبوجه عام، فإن مرحلة النمو والازدهار الاقتصاديّ التي تمر بها إمارة أبوظبي في الوقت الحالي من شأنها أن تدفع إلى المزيد من النمو في استهلاك الطاقة بنحو 10في المئة سنويّاً، وبنسبة قريبة من هذا المستوى أيضاً في ما يتعلّق باستهلاك المياه، ولعل هذا النمو المرتفع هو ما يشجّع أو بالأحرى يوفّر أرضية متينة لإمارة أبوظبي تمكنها من استقطاب المزيد من الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية لإنجاز المزيد من المشروعات في هذا القطاع في المستقبل، وهو الأمر الذي سيتضمّن العديد من الإيجابيات، أهمها بالطبع تمكين الإمارة من الوصول إلى مستويات آمنة لإمدادات الطاقة والمياه بما يضمن استمرار تنفيذ مشروعات التنمية دون توقف، وكذلك تخفيض الضغط على ميزانيّات الحكومة وتوفير جزء من هذه الميزانيات لتوجيهها إلى وجهات تنموية أخرى أكثر حيوية. وبجانب هذا وذلك، فإن هذه السياسة من شأنها تمكين القطاع الخاص من الاضطلاع بدوره كشريك محوريّ في التنمية. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية