من أكثر التطورات التي عرفها التعليم العالي درامية، خلال السنوات الأخيرة، هناك الزيادة الكبيرة في عدد الكليات الربحية. فعلى سبيل المثال، يبلغ عدد الطلبة في أكبر مؤسسة ربحية، جامعة فينيكس، أكثر من 440 ألف طالب، أي أكثر بكثير من كل الجامعات في "العشر الكبار" مجتمعة. والواقع أن بعض الجامعات الربحية تفي بوعدها، فتتبنى مقاربات مبتكرة ورائدة لتسجيل الطلبة ومساعدتهم على نيل شهادات جامعية وشهادات تعليمية لما بعد المرحلة الثانوية. غير أن ثمة دلائل على أن عددا كبيرا من هذه المؤسسات إنما يحركها الربحُ أكثر منه الالتزام بتعليم الطلبة؛ ولابد أن نحذر من الكليات الربحية التي تُثقل كاهل الطلبة بعشرات الآلاف من الدولارات من الديون مقابل شهادات عديمة القيمة في الغالب الأعم. والواقع أن ثمة مصلحة فدرالية كبيرة في إصلاح هذه المؤسسات لأنها تموَّل بالأساس بواسطة أموال دافعي الضرائب؛ حيث تمثل المساعداتُ الفدرالية للطلبة قرابةَ 90 في المئة من العائدات في بعض الكليات الربحية؛ وفي بعض الحالات، يتم إنفاق ما يقارب 30 في المئة من ذلك الاستثمار الفدرالي على التسويق والإعلانات من أجل إقناع الطلبة بالتسجيل. وفي تحقيق أشير إليه في جلسة استماع للجنة تابعة لمجلس الشيوخ في الرابع من أغسطس، وجد "مكتب المحاسبة الحكومي" أن 14 من أصل 15 كلية ربحية تفرض رسوماً أعلى مقارنة مع الكليات العامة المجاورة. فعلى سبيل المثال، يكلف برنامج للدراسة عن بعد يختتم بنيل شهادة في إدارة الأعمال من جامعة كابلان، 33390 دولاراً؛ في حين يكلف برنامج يفضي إلى الشهادة نفسها بجامعة نورذرن فرجينيا كميونيتي كوليدج 8500 دولار. غير أن فواتير الرسوم المرتفعة لا ترفع التكاليف الفدرالية فحسب، وإنما تضع الطلبة في خطر مالي متزايد أيضاً. فمعلوم أن معظم طلبة كليات "الكوميونيتي كوليدج" (كليات عامة تقدم لخريجيها شهادات بعد عامين من الدراسة عادة) يمكنهم متابعة الدراسة ونيل شهادة بدون الاقتراض من البنك. وبالمقابل، يضطر كل الطلبة تقريباً في الكليات الربحية إلى الاقتراض من البنوك من أجل الحصول على شهادات مماثلة. وحسب إحصائيات للسنة الدراسية 2008 -2009 ، فإن الكليات الربحية تدرِّس قرابة 10 في المئة من الطلبة المسجلين في التعليم العالي على صعيد الولايات المتحدة، لكن هؤلاء الطلبة يتلقون 23 في المئة من القروض والمنح الفدرالية المخصصة للطلبة، ومع ذلك، فإنهم شكلوا 44 في المئة من حالات العجز عن تسديد الدين في السنوات الأخيرة. غير أن العجز عن تسديد الدين، بالنسبة للعديد من الطلبة، ليس هو نهاية كوابيسهم، ذلك أن ديون الطلبة لا تنمحي مع إعلان حالة الإفلاس، وعجزهم عن التسديد يحرمهم من فرص الاستفادة من مساعدات أخرى. وبدلا من شهادة جامعية، ينتهي الأمر بالعديد من الطلبة في هذه الحالة مثقلين بأعباء الديون التي يمكن أن تعيق فرصة حقيقية لنيل درجة أو شهادة جامعية. وشخصياً، أعتقدُ أن ثمة حاجة ملحة وعاجلة لإدخال إصلاحات من أجل الاستفادة من مزايا وقوة المؤسسات التعليمية الربحية مع الحرص في الوقت نفسه على تجنب سلبياتها؛ ذلك أن استثمار دافع الضرائب في الكليات الربحية يتطلب إشرافاً حذراً لضمان حصول دافعي الضرائب والطلبة على قيمة جيدة مقابل الـ26 مليار دولار من التمويل الفدرالي الذي يذهب للكليات الربحية كل عام. غير أن جلسات الاستماع العامة التي تم عقدها في إطار تحقيق من قبل لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات التابعة لمجلس الشيوخ، تثير عدداً من الأسئلة حول ما إن كان هذا القطاع يقوم بما يكفي من جهود لتلبية الاحتياجات التعليمية لطلبته. وفي هذا الإطار، سجل "مكتب المحاسبة الحكومي"، في تحقيقه حول الكليات الربحية، ثقافة ضغط مرتفع وتكتيكات بيع مخادعة في كثير من الأحيان، هدفها دفع الناس إلى التسجيل وتقديم طلبات الحصول على قروض من البنوك. وفي هذه الأثناء، تقترح وزارة التعليم قواعد جديدة من أجل الحد من الانتهاكات في البرامج الربحية والمهنية، قواعد يمكن أن تقصي الطلبة من أهلية الحصول على المساعدة بالنسبة للبرامج التي لدى طلبتها خليط خطير من مستويات الديون المرتفعة، وانخفاض الدخل بعد التخرج، ومعدلات منخفضة لتسديد القرض الدراسي. غير أن كل الطلبة يستحقون تعليماً ذا جودة عالية مقابل استثمارهم، ولاسيما الطلبة الذين يسجلون في الكليات المهنية، وأغلبهم من منخفضي الدخل والملونين. غير أن من شأن خطوات جديدة أن تضمن حصول هؤلاء الطلبة على معلومات دقيقة حول التكاليف والنتائج المحتملة للبرامج التعليمية، مع العمل في الوقت نفسه على التخلص من البرامج التي تتركهم مثقلين بديون من غير المرجح أن يقدروا على تسديدها. إنه على الحكومة الفدرالية أن تستمر في دعم الكليات الربحية التي تُعِدّ الطلبة لسوق العمل في القرن الحادي والعشرين وتقوي اقتصادَنا؛ إلا أنه يجب على الحكومة ألا تدعم المؤسسات الربحية التي تترك الطلبة مثقلين بديون لا يستطيعون تسديدها وشهادات أو مؤهلات عديمة القيمة. توم هاركن رئيس "لجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات" بمجلس الشيوخ الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"