يشتهر أهل البحرين بطيبتهم وحسن معشرهم وهذا أمر يدركه كل من زار البحرين وتعامل مع أهلها، بل إن من السهل جدّاً التفريق بين البحريني وغيره من خلال سلوكه الظاهر وابتسامته التي لا تفارقه والكلمة الطيبة التي هي شعاره. وقد سألني صديق أجنبي زار معظم الدول العربية وتعامل مع عامة الناس مباشرة، ما السر في طيبة أهل البحرين؟ فأجبته بأنني لا أعرف ولكن كل من تعامل مع البحرينيين خرج بنفس النتيجة، وهي أنهم أهل محبة وطيبة وكرم. وقد اخترت أن أبدأ مقالي بهذه المقدمة لكي أذكر إخواني وأخواتي من أهل البحرين بخصال تميزوا بها عن غيرهم وأصبحت شعاراً لهم بين سائر الأمم فالأوْلى أن يلتزموا بهذه الخصال فيما بينهم وأن يحفظوا البحرين ومستقبل أجيالها من الفتن. لقد نعمت البحرين ودول الخليج بأمن واستقرار وتعايش بناء بين أهلها لم يتوافر لغيرنا في منطقتنا، وتحققت لنا من خلال ذلك تنمية مستدامة هي حلم شعوب كثيرة في منطقتنا وخارجها، وهذا إنجاز يجب أن نحافظ عليه وأن نواصل العمل للارتقاء به كي ينعم أبناؤنا وأحفادنا بحياة كريمة. إن الأحداث الأخيرة لا تعبر عن أصالة البحرينيين وانتمائهم الحقيقي، بل هي أعمال فئة شاذة ارتضت أن تبيع نفسها للخارج وأن تساوم على مستقبل وطنها وأمنه بحجج واهية، وهي لا تمثل إلا نفسها ولا ينبغي أن تمنح شرف تمثيل شعب البحرين أو فئة منه. إن استغلال الأزمات المعيشية التي قد يواجهها الناس لتحقيق أهداف سياسية على حساب الوطن لهو جريمة في حق هؤلاء الذين يواجهون تلك الأزمات ويعانون من ويلاتها، لأن هذا الاستغلال العبثي لن يقدم حلولا لهذه الأزمات ولن يجلب الرخاء لهم، بل سيفتح أبواباً من الشر تقضي على الأخضر واليابس. والأخطر من ذلك هو العبث بالثوابت فيما بتعلق بالسلم الأهلي، فالدخول في سراديب الطائفية ورفع شعارات وتبني مطالب طائفة دون أخرى يقسم المجتمع ويجلب عليه وباء مدمرًا لن يحل مشكلة أحد بل إن ضرر ذلك سيكون وبالا على الجميع. إن الانتماء لطائفة محددة لهو أمر شخصي، ولكن استخدام ذلك لأغراض سياسية أمر في غاية الخطورة لأنه يدفع الفئات الأخرى للتمترس حول الطائفة أيضاً مما يؤدي إلى انقسام المجتمع وفقدان الأمل في وطن ينعم بالأمن والتنمية والاستقرار. ولاشك أن البحرين تواجه مشكلات تنموية كغيرها من الدول، وهي مشكلات لابد من معالجتها، ولكن هذه المعالجة لا تتم بالعبث بالأمن أو التعامل مع الخارج وإنما بالحوار والتعاون بين جميع القوى الفاعلة في البحرين.