بعد انهيار الاتحاد السوفييتي بدأ المستثمرون الروس يتوافدون على أرض الإمارات بغرض التجارة، وكان أن التقى مستثمر روسي بشخص يرتدي كندورة، وحدث اتفاق بينهما على بدء مشروع مشترك، وبسذاجة سلّم الروسي آلاف الدولارات للشخص الذي يرتدي الكندورة. حين سُئل عن واقعة تسليم ذلك المبلغ الكبير من دون ضمانات حقيقية إلى ذلك الشخص الذي اختفى عن الأنظار، قال الروسي إن الضمانة الوحيدة كانت الكندورة، لأن الذين يرتدون هذا الزي، يقصد الإماراتيين، معروفين بالشرف والأمانة. وليس من باب المصادفة أن كثيراً من الإماراتيين لديهم تجارب عن المعاملة الحسنة والتفضيلية التي تلقوها في الخارج لأنهم إماراتيون. وليس من باب المصادفة أيضاًَ أن جنسيات معينة توصف بأمور سلبية في شرق العالم وغربه. ولم يكتسب الإماراتي هذه السمعة الطيبة بالحظ أو من باب المجاملة، وفي المقابل فإن شعوباً بأكملها تُظلم جرّاء تصرفات قلة منها ارتكبت تصرفات غير لائقة مرة ومرتين وثلاثا إلى أن تشكّلت صورة نمطية عن عموم الشعب. وباختصار: صورة الإماراتي جيدة إلى أن يثبت العكس، وصورة جنسيات كثيرة سلبية إلى أن يثبت العكس. ولعل من أهم عوامل تشكّل هذه الصورة الجيدة عن الإماراتي أن مجتمعنا يقف بالمرصاد للأخطاء التي يرتكبها أي إماراتي في الخارج، باعتبار أن كل فرد يعد سفيراً لوطنه، وهو ما حدث مع شكاوى سكّان حي لندني من الضجيج الذي تحدثه السيارات الفاخرة المملوكة لشباب خليجيين أثرياء، والهجوم الذي شنته صحف بريطانية على شاب إماراتي تسبب في حادث مروري وترجل من سيارته وقال ببرود: "حسناً سندفع كل الخسائر". فقد تصدى عدد من كتّاب الأعمدة لهذه التصرفات، وحدث مثل هذا في بعض المنتديات، لكن في المقابل ظهرت أصوات ترفض أن "نتعامل مع أنفسنا بقسوة الجلاد"، وقال أحدهم بالحرف الواحد: "هل بهذه البساطة نحن مرتبكون؟ وبهذه النفسية الخائفة نتوجّس من الصورة المهزوزة؟". وذهب الكاتب إلى مقارنة تصرف ذلك الشاب بتصرفات لأشخاص بريطانيين ارتكبوا أفعالاً مسيئة على أرض الدولة، ورغم ذلك لم تهتز صورة "بريطانيا العظمى"، لأن "أياً منهم إنما يُمثل نفسه، وهو مسؤول عن فعلته، أما الوطن فهو أكبر من سلوكيات خاطئة لبعض أفراده". ويغيب عن الأشخاص الذين يفكرون بهذه الطريقة أن أي فرد يمثل وطنه شئنا أم أبينا، لا نستطيع إنكار ذلك، حتى لو كان الوطن أكبر من ذلك بكثير، إلا أننا كبشر لا ننفك نربط بين الأشخاص والأوطان، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى. والأمر الآخر أن القضية ليست مرتبطة ببريطانيا، ولا أعتقد أن المجتمع الإماراتي سيرضى أو يغض الطرف عن تلك التصرفات لو حدثت في بلاد الواق واق، فحتى رأي "الواقواقيين" يهمنا، خصوصاً أن الذي يجرؤ على الإساءة في الخارج فإنه من باب أولى سيجرؤ على أكثر من ذلك في بلاده. وعقد المقارنات في الأمور الخاطئة ليس من الحكمة في شيء، وهو مثل أن يقول أحدهم إنه برغم تجاوزه الإشارة الحمراء فإنه أفضل حالاً من جاره الذي تجاوز الإشارة وتسبب في حادث. في أي بطولة رياضية تصعد الفرق الثلاثة الأولى إلى منصة التتويج، حتى لو كانت هذه الفرق متردية أخلاقياً، وبشيء من الواقعية، فإننا كإماراتيين، إذا افترضنا أن العالم من حولنا مثل بطولة رياضية، فإننا يمكن أن نصعد المنصة لاستلام جائزة اللعب النظيف، وهي جائزة من واجبنا المحافظة عليها.