من أجل تأمين لقمة العيش يمضي هذا الصبي سحابة يومه متسكعاً من باب لباب ومن شارع لشارع وفي كلتا يديه آنيته التي يجمع فيها ما تمتد به الأيدي الخيرة وتجود به النفوس الكريمة، وعندما يسبل الليل بوشاح من الظلام على شوارع المدينة المتجهِّمة يأتي إلى هنا للنوم على أرضية سطح مبنى لم يكتمل بعد، من المنتظر أن يخصص لإسكان تلامذة المدارس القرآنية، ويبقى حتى وهو نائم غارقا في الأحلام متمسكاً بإناءين للتسول واللذين لا يملك غيرهما، ولذلك فليس في وارد التفريط فيهما، أو ترك أطفال آخرين يتخطفونهما. نحن في ضاحية "فاديا" القريبة من العاصمة السنغالية داكار التي تصعِّد سلطاتها الآن الحملة ضد الشحاذين والمتسولين الصغار، بهدف وضع حد لظاهرة انتشار آلاف الأطفال من تلاميذ المدارس التقليدية في مختلف شوارع المدينة ممن يستجدون المارة، ويعيشون في ظروف مزرية من الجوع والعري والتشرد. وعلى رغم استمرار الحملة في داكار وفي مختلف المدن السنغالية الأخرى إلا أن الظاهرة ما زالت متفشية، ربما لغياب البدائل، بالنسبة لهؤلاء التلاميذ الصغار، الذين هدّهم الفقر وضعف الحال، ولا تقترح عليهم خطط التنمية، ولا السلطات الحضرية، طريقة أخرى لسد الرمق، أو للخروج من فقرهم المدقع ذي السبعة أشكال.