ليس الدكتور حسن حنفي أول من أقلقته ظاهرة المتاجرة بالدين وتحويله إلى مصدر للتكسب المادي ووسيلة للثراء... فهي ظاهرة قديمة وقد لفتت إليها انتباه الكثيرين، لكن ما أصبح يميزها الآن هو سعة انتشارها إلى حد لم تعد معه محل استهجان، علاوة على أن ممتهنيها باتوا يتفننون في اعتماد أساليب أكثر مواربة لترويج بضاعتهم، بطرق وأثمان أكثر إمعاناً في تجاريتها، حتى لا أقول صفة أخرى. والحقيقة أن كاتب مقال "مشايخ الفضاء... وبنوك الدعاء!"، أظهر ببراعة كبيرة كيف يتم استغلال الميديا لصالح نوع جديد من التهريج وما هو من الدين، بل هو بعيد عن مقاصد الدين في الإصلاح والنهوض والعدل وباقي القيم والمقاصد العليا والنبيلة للإسلام... ومن ذلك ما نراه من انتشار لبرامج الفتوى التلفزيونية، وبنوك الدعاء التي تم استحداثها مؤخراً، وألوان وأشكال أخرى من النشاط الذي يصف نفسه بـ"الدعوي"، وهو في حقيقته ينحو إلى تعطيل العقل الذي هو ملكة سامية حث الدين على استعمالها والإعلاء من قيمتها وتثمينها تثميناً عالياً يناسب مكانة الإنسان ومناط تكلفيه متمثلا في العقل نفسه. محمد حسن -أبوظبي