الاستثمار في التعليم والبحث العلمي بات يتصدّر اهتمامات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، على اعتبار أن ذلك يشكّل نوعاً من الاستثمار في المستقبل، بعد أن أصبح التعليم النوعي والجيد إحدى ركائز التنمية والتطور. وتقف إمارة أبوظبي في الطليعة في هذا المجال، حيث وضعت العديد من السياسات الهادفة إلى تطوير أنظمتها التعليمية، لكي تواكب المعايير العالمية في هذا الشأن، خاصة في ما يتعلق بمجالات التعليم التي ترتبط باقتصاد المعرفة كهندسة الطيران والطاقة النووية والطاقة المتجددة، وهي المجالات التي تتطلب الإحاطة بمعارف العصر الحديثة ومبادئها في العلوم والتكنولوجيا، كما اهتمّت بتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في قطاع التعليم وقدّمت له العديد من التسهيلات والمزايا من أجل تحقيق هذا الهدف. وتشير تقديرات الخبراء إلى أن الإنفاق على التعليم الخاص في أبوظبي سيتزايد بحلول عام 2015 بنسبة 100 في المئة. لقد أصبحت أبوظبي، والإمارات بوجه عام، نموذجاً يحتذى به في الاهتمام بتطوير التعليم لكي يخدم عملية التنمية، وليس أدلّ على ذلك من المبادرات العالمية الرائدة التي أطلقتها على مدار العامين الماضيين، واستهدفت من خلالها تعزيز قدرات مواطنيها العلمية والتقنية، كمبادرتها في الدخول إلى ميادين الطاقة المتجددة والطاقة النووية. وبالإضافة إلى ما سبق فإن هناك اهتماماً استثنائياً بتطوير التعليم الفني والتقني الذي يهتمّ بعنصر التدريب العملي، ولعل القرار الذي أصدره الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مؤخراً، بإنشاء "مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني" يؤكد ذلك بوضوح، لأن الهدف من هذا المركز هو ربط التعليم باحتياجات سوق العمل، وإيجاد قاعدة من الكوادر المواطنة المؤهلة بشكل جيد في المجالات المهنية والتقنية، تسهم في تطوير الصناعة والقطاعات المهمة الأخرى. كذلك تولي أبوظبي اهتماماً استثنائياً لتطوير التعليم العالي، وفي هذا السياق أعلن "مجلس أبوظبي للتعليم" العام الجاري، خطة طموحاً لإصلاح هذا القطاع في السنوات المقبلة، تركّز على زيادة الإنفاق المخصص للبحوث والتطوير ليصل إلى 4.9 مليار درهم بحلول عام 2018، ورفع مستوى جامعتين في أبوظبي لتصبحا في قائمة أفضل 100 جامعة في العالم، وزيادة معدل عمالة النساء المتخرجات إلى 65 في المئة، وإنشاء جامعات قادرة على إصدار براءات الاختراع والابتكار باعتبارها مقياساً لأداء البحوث. إن الارتقاء بواقع التعليم ومخرجاته في أبوظبي ودولة الإمارات كلها هو استثمار حقيقي في حاضر الوطن ومستقبله، لأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في العنصر البشري الذي تقع على عاتقه مهام تنفيذ خطط التنمية المختلفة ومشروعاتها. لا شك في أن التعليم الجيد والنوعي هو الذي يسمح بإعداد أجيال مفكرة ومبدعة ترتبط بخدمة قضايا المجتمع والتنمية وتستشرف آفاق المستقبل وتكون قادرة على التعاطي مع التحوّلات الاقتصادية والثقافية المتسارعة التي تشهدها الدولة، وهذا يفسّر كيف أن هناك إرادة سياسية قوية تدعم خطوات إصلاح النظام التعليمي، وتساند عملية التطوير التي يشهدها هذا القطاع الحيوي بمراحله المختلفة من أجل الارتقاء بمخرجاته لكي تخدم خطط التنمية في المجالات المختلفة، ودفعها قُدماً إلى الأمام. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.