مشروع "البرلمان الإلكتروني" الذي تمّ تدشينه مؤخراً بهدف تنظيم العمل الداخلي لأعضاء المجلس الوطني الاتحادي وموظفي الأمانة العامة، يمثّل نقلة نوعية في أداء المجلس، ويشير بوضوح إلى طبيعة التطوّر الحادث في دور المجلس وما تشهده الحياة البرلمانية في الدولة من تطور إيجابي لمصلحة قضايا المجتمع. أهمية المشروع الجديد لا تكمن في أنه يعدّ الأول الذي سيتم تطبيقه على مستوى البرلمانات العربية فحسب، وإنما من طبيعة المزايا والتسهيلات التي سيتيحها أيضاً، التي ستوظّف في الأساس في تطوير عمل المجلس وسير اجتماعات اللجان والجلسات، حيث يحتوي المشروع على جميع الأسئلة الموجّهة من الأعضاء إلى الوزارات المختلفة، والجدول العام لاجتماعات اللجان والجلسات، والموضوعات التي ستتم مناقشتها، والتشريعات والمشاركات البرلمانية. وهذا الجانب، لاشك، من شأنه تعزيز التعاون بين الحكومة والمجلس، وتمكين الأخير ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للحكومة، لأن اطّلاع الوزارات المختلفة على القضايا التي تتم مناقشتها من جانب أعضاء المجلس، سيكون له أثره الإيجابي لدى وضع السياسات والاستراتيجيات التي تتناول هذه القضايا من جانب هذه الوزارات، وليس أدلّ على ذلك من أن المجلس في دورته الأخيرة وضع مجموعة من المقترحات المهمة بشأن التعليم وسبل تطويره في مراحله المختلفة وبما يخدم خطط التنمية في الدولة، والمشكلات التي تواجه قطاع الإسكان وكيفية التغلّب عليها، إلى غيرها من القضايا الجماهيرية التي تهم المجتمع، والكثير من المقترحات أعلنت الحكومة أنها ستأخذها في الاعتبار لدى وضع سياساتها العامة. مشروع "البرلمان الإلكتروني"، وبما يتيحه من معلومات وبيانات منظمة، وبما يوفره من نظم إلكترونية تسهل البحث والرجوع إلى المراسلات المؤرشفة عند الحاجة إليها، وتحديداً في البحوث البرلمانية وأعمال اللجان والجلسات، سيدعم، بلاشك، الأدوار التي يقوم بها أعضاء المجلس، خاصة لجهة تفاعلهم بشكل إيجابي ومتواصل مع القضايا الرئيسية التي تهم الدولة والمجتمع، لأنه سيتيح لهم الاطّلاع على البيانات والمعلومات كافة اللازمة لمتابعة مهام عملهم واجتماعاتهم اليومية على مدار الساعة، كما أن هذا المشروع سيمكّن الأعضاء من التواصل مع البيانات في أثناء انعقاد الجلسات، وهو الأمر الذي سيكون له الأثر الكبير ليس في إثراء مناقشات الأعضاء ومداخلاتهم فحسب، وإنما في الأداء البرلماني بوجه عام أيضاً، لأن اطّلاع الأعضاء على البيانات والمعلومات الخاصة بالقضايا التي يناقشونها من شأنه الخروج بنتائج إيجابية، وبصفة خاصة في ما يتعلّق بشكل القوانين والتشريعات ومضمونها التي قد يقرها المجلس مستقبلاً. وبالإضافة إلى ما سبق فإن "البرلمان الإلكتروني" من شأنه توطيد العلاقة بين المواطنين وممثليهم، وتعرُّف مطالبهم ومن ثم التعبير عنها داخل مناقشات المجلس. إن الارتقاء بأداء المجلس الوطني والعمل على تطويره بشكل مستمر يؤكدان حدوث المزيد من النضج والتراكم في الحياة البرلمانية، وهو تطور يحسب لقيادتنا الرشيدة التي لا تألو جهداً في إنجاح هذه التجربة ودفعها قُدماً إلى الأمام، انطلاقاً من قناعتها بأن وجود برلمان فاعل وقوي هو خير داعم للحكومة في القيام بمهامها على الوجه الأكمل. والتطور الحادث في أداء المجلس الوطني الاتحادي وزيادة مساحة فعاليته وتفاعله مع هموم المجتمع وقضاياه لا ينفصلان عن التطور في أداء المؤسسات الأخرى في الدولة، التي تعمل من أجل تحقيق هدف رئيسي هو نهضة المجتمع وتطوره.