لقد كنتُ أدرك أن إدارة دفة الأمور في البيت الأبيض سوف تكون مهمة صعبة على الرئيس أوباما، لاسيما في ظل استمرار حربين في وقت واحد، والأزمة المالية الاقتصادية التي لم تتعاف منها أميركا بعد، وغيرهما من التحديات والكوارث الأخرى. ولكنني توقعت منه على الأقل أن يتخذ موقفاً صائباً من مسائل اللون والعرق في مجتمعنا. ومع إدراكي لحقيقة أن أوباما هو ذلك الرجل الأسود الذي انتخب لرئاسة أميركا للمرة الأولى في تاريخها، بشرط ألا يتفوه ولو بكلمة واحدة عن العرق واللون، فإن من الصعب الاعتقاد باستمرار التزامه بتلك الصفقة السرية، على رغم ما يدور اليوم من صراع محتدم حول العرق واللون في طول البلاد وعرضها. ولكننا شاهدنا التراجع الملحوظ للرئيس عن صحة موقفه من التنميط العنصري الذي تعرض له الأستاذ الجامعي هنري لويس جيتس من قبل أحد ضباط الشرطة. ثم صمت أوباما ولم يتخذ أي موقف من الفصل التعسفي الذي تعرضت له شيرلي شيرود، الموظفة بوزارة الزراعة على خلفية تلفيق تهمة لها بالتحيز ضد البيض. وفي أواخر شهر يوليو المنصرم، وصف أوباما الأميركيين السود بأنهم "هجين" من البشر، خلال اللقاء التلفزيوني الذي أجري معه في برنامج The View الصباحي. وجاء ذلك الوصف في معرض رده على سؤال المذيعة باربرا والترز له: لماذا لم تصف نفسك بأنك رئيس ثنائي اللون؟ والقصد من تلك الإجابة أن السود مختلطون مع العرقيات الأخرى وأنهم سيظلون كذلك دائماً. وهذه حقيقة لا ينكرها أحد، غير أن الاعتراض هنا يتعلق باختيار الرئيس لكلمة "هجين" وهي الكلمة الأسوأ في وصف علاقات اللون والعرق في بلادنا. فقد كانت هذه هي العبارة نفسها التي استخدمها البيض في سياق وصفهم البهيمي للسود، في سياق تبريرهم للفصل العنصري ولإساءة معاملتهم للأميركيين السود سابقاً. وقد ساد في ذلك الوقت اعتقاد مؤداه أن الذكور السود بالذات يفسدون جينات "العرق الأبيض المتفوق" فيما لو سمح لهم بالاختلاط والتزاوج مع نساء البيض. وكان الحزب "الديمقراطي" قد أغرم باستخدام العبارة نفسها "الهجين" في خمسينيات القرن التاسع عشر، ثم أكثرت استخدامها عصابة الـ"كوكلاكس كلان" وأوائل دعاة نظرية "تحسين الجنس البشري"! وقد نصفح للرئيس عن زلة استخدامه لتلك العبارة القبيحة السيئة الأصداء دائماً على النفوس. غير أنه يصعب جداً أن نصفح له عن تفويت فرصة لا تعوض لإلقاء درس لا ينسى على دعاة العنصرية في بلادنا، ولاسيما أنه هو الأكثر تأهيلاً لإلقاء هذا الدرس. ففي اللقاء التلفزيوني المذكور، بدأ أوباما بداية صحيحة في الإجابة عن أسئلة المذيعة باربرا والترز. فقد قال لها في بادئ الأمر إن وصف "أفريقي أميركي" ليس عبارة تدعوه للهرب إذا ما وجهت إليه من أحد. ولكنه استطرد في القول إن "الألوان ليست سوى لافتات وعلامات للبشر". ولذلك فهي أقل أهمية بكثير من الطريقة التي يعامل بها الناس بعضهم بعضاً. ولكن الملاحظة أن مثل هذه الإجابات تكشف عن ضغوط مستمرة يواجهها الرئيس وتدعوه إلى الاستخفاف بمسألة اللون، بدءاً بلونه هو، ليهدم بذلك التاريخ الطويل المجيد الذي خاضته العرقية السوداء لنيل حقوقها في بلادنا، وهو تاريخ يعتبر أوباما نفسه امتداداً له! والحقيقة التاريخية الثابتة هي عدم المساواة مطلقاً بين البيض والسود في أميركا. وإذا ما كان أحد السود فرداً مثل أوباما، فهو ينظر إليه على أنه حالة "استثنائية"من الزنوج. وكانت تلك هي صورة أوباما الرئيسية التي أظهرها اللقاء التلفزيوني. فكيف فوّت فرصة تحويلها إلى درس يتعلم منه الأميركيون؟ إرين أوبري كابلان كاتبة ومحللة سياسية أميركية خدمة "إم سي تي إنترناشيونال"