اللجنة الدولية الرباعية (أميركا - روسيا - الاتحاد الأوروبي - الأمم المتحدة) المكلفة متابعة مفاوضات عملية السلام الموعودة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، دعت الطرفين المعنيين إلى استئناف المفاوضات المباشرة على أساس حل الدولتين، وفي إطار جدول زمني - 12 شهراً - للوصول إلى اتفاق. الطرف الفلسطيني وافق مؤكداً ضرورة إثبات حسن النوايا، وبالتالي تثبيت مبدأ عدم استكمال عملية الاستيطان، التي تنفذها حكومة نتنياهو، وخصوصاً في القدس المحتلة. اللجنة "السباعية" الوزارية في هذه الحكومة، أعلنت رفضها العودة إلى المفاوضات في ظل شروط مسبقة. وأكدت حق إسرائيل في بناء المستوطنات وإصرار الحكومة على استكمال مشروعها وانتقدت بيان "الرباعية" وأعلنت تمسكها بالمبادىء، التي سار عليها نتنياهو ونجح حتى الآن في إزالة كل المعوقات من دربه. والمبادىء الأساسية هي: إسرائيل دولة يهودية وعلى الفلسطينيين الإقرار بذلك. والدولة الفلسطينية بحدودها النهائية تحددها المفاوضات لا الشروط المسبقة والقرارات المسبقة، وهي في كل الحالات ستكون دولة منزوعة السلاح! يعني على الفلسطينيين أن يقبلوا العودة إلى المفاوضات بهذه الشروط وليس دون شروط. هم لا يحق لهم وضع أي شرط. من واجبهم، وعليهم أن يقبلوا الشروط الإسرائيلية. جورج ميتشل الموفد الأميركي المكلف متابعة الاتصالات مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عقد سلسلة اجتماعات معهم. ونقل عنه قوله أمام التعنت الإسرائيلي، "اللجنة السباعية، هي لجنة رفضية"! بعد ساعات قرّر البيت الأبيض الدعوة إلى المفاوضات. أعلن عن موعدها 2 سبتمبر. السلطة الفلسطينية فوجئت. عبـّر رئيسها عن انزعاجه. اتصلت به وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وكانت مكالمة طويلة بينهما تخللها كلام لعباس أبدى فيه غضبه وانزعاجه من سير الأمور. أرسل الرئيس الأميركي أوباما رسالة إلى الفلسطينيين دعاهم فيها إلى العودة إلى المفاوضات، لأن ذلك "يساعدنا على الوصول إلى حل وإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين"! لم يلتزم بأي شيء. لا حدود الـ 67 ولا غيرها. الكلام عام. ساعدونا لنساعدكم هذا هو منطقه. إذن نساعدكم على من؟ على ماذا؟ على مجهول أو على المجهول؟ تساعدوننا على ماذا؟ على الوصول إلى دولة مستقلة حدودها الـ 67 وعاصمتها القدس أم على القبول بشروط نتنياهو؟ جواب أوباما جاء في الرسالة ذاتها: "إذا لم تفعلوا فلن نكون قادرين على المساعدة لاحقاً! يعني نترككم لمصيركم، ونطلق يد الإسرائيلي كالعادة والحق عليكم! إنها السياسة ذاتها التي اعتمدها الإسرائيليون مع الفلسطينيين ومع الأميركيين. والسياسة ذاتها التي اعتمدها الأميركيون مع الإسرائيليين ومع الفلسطينيين. والسياسة ذاتها - إذا كان ثمة سياسة اليوم - التي قبل بها الفلسطينيون فوصلوا ووصلنا إلى ما نحن عليه! وفي هذا الوقت، استمر الهجوم الإسرائيلي السياسي والدبلوماسي والأمني والإعلامي والميداني، استمرت الاعتداءات واستهدفت الفلسطينيين بأكثر من غارة. استمر بناء المستوطنات وأعلنت حكومة نتنياهو إصرارها على ممارسة هذا الحق. لاحقت جامعات استقبلت محاضرين يساريين ودعت إلى قطع المساعدات ومنع التبرعات عنها وأعد في الكنيست مشروع قانون يحارب الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني على الخلفية نفسها. وأعلن نتنياهو أن المفاوضات مع الفلسطينيين صعبة ولكنها ضرورية مؤكداً أن لا شيء مضموناً. في المقابل، اختلف فلسطينيو الخارج وفلسطينيو الداخل - السلطة، على قبول الدخول في مفاوضات مباشرة. وتكرس الخلاف أكثر في الداخل بين "فتح" و"حماس"، وبين السلطة و"حماس"، حتى بلغ حدود الخلاف على المساجد. لم يعد ثمة شيء متفق عليه. والانقسام الفلسطيني أخطر ما يواجه الفلسطينيين وأكثر ما يخدم الإسرائيليين. إضافة إلى موقف عربي مفكك ويائس من الحال العربية والواقع الفلسطيني المؤلم. ولذلك سنكون أمام أشهر صعبة جداً، ستشّن فيها إسرائيل أكثر من هجوم، وستصادر المزيد من الأراضي، فالمفاوضات لن تنجح، الذي نجح هو نتنياهو الذي تمكن من الهروب من كل الاستحقاقات ورمّم علاقته بالإدارة الأميركية التي باتت تغطي كل سياساته. ولكل منهما مصالح تتقدم على المصالح الفلسطينية وما أكثر الذرائع التي يمكن اتخاذها لتبرير الفشل في الوصول إلى تسوية في المنطقة وأبرز المبررات الانقسام الفلسطيني، والانقسام العربي، وغداً سيقول الإسرائيليون، لقد حاولنا ولم ننجح. ليس لدينا شريك فلسطيني. وإذا وجد أحدهم فهو غير قادر، ولا نعرف إلى من نتكلم. ولا نستطيع أن ننتظر لأن أمننا في خطر..." وهكذا دواليك من الروايات والأكاذيب التي باتت معروفة. ماذا ستفعل "الرباعية"؟ لا شيء. ستعود إلى ما كانت عليه. ماذا ستفعل "السباعية"؟ ستعبّر عن فرحها بنجاحها وستستمر في ما تقوم به اليوم. وماذا سيفعل الفلسطينيون؟ سيختلفون مع بعضهم بعضا أكثر وسينقسم العرب أكثر. وتبقى فلسطين بين "الرباعية" و"السباعية"، ومصالح الدول... غازي العريضي وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني