عندما كنت أتفحص العناوين الرئيسية في الصحف الأميركية في الآونة الأخيرة، التي قلما تتغير حيث تدور عادة حول موضوع بناء المسجد بالقرب من "جراوند زيرو"، والهجرة، واقتراب ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، أصابتني حالة من الغثيان، حيث أدركت أن تلك العناوين في جوهرها تكشف عن شيء قد لا ينتبه إليه كثيرون في الوقت الراهن، وهو أننا كأمة أميركية قد بتنا عاجزين عن التواصل والتفاهم فيما بيننا. لقد أحسست أننا بحاجة إلى وقت للسلام، أو وقت لالتقاط الأنفاس من هذا السباق المحموم الذي نخوضه، الذي نُعلي فيه من شأن المصلحة الذاتية فوق أي اعتبار آخر. ولو تجاوزنا تلك العناوين، ودخلنا إلى تفاصيل موضوعاتها، فسنقرأ عن إمام مسلم يهين (بعض) الأميركيين، عندما يريد بناء مركز إسلامي في مكان قريب للغاية من موقع البرجين، اللذين تهاويا في الحادي عشر من سبتمبر، وهي قطعة الأرض المعروفة باسم "جراوند زيرو". وسنقرأ أن المسلمين الأميركيين يشعرون بأنهم قد تعرضوا للإساءة، بسبب تلك المقولات التي صدرت عن جوقة من الأصوات القبيحة ضد المسلمين في أميركا. ومن ضمن تلك الأصوات مقدم البرامج اليميني "جلين بك" الذي دعا إلى حفل شاي من أجل "استرداد الشرف" في نفس اليوم والمكان الذي ألقى فيه الزعيم الراحل "مارتن لوثر كنج" داعية الحقوق المدنية الأميركي خطابه الشهير "لديَّ حلم".. وفي مدينة أخرى، وفي اليوم نفسه تقريباً أعلن الناشط المعروف في مجال الحقوق المدنية القس "آل شاربتون" أنه سيعقد تجمعاً حاشداً تحت شعار "فلنستعيد ذكرى الحلم". هذا فيما يتعلق بموضوع بناء المسجد والمسلمين في أميركا.. أما في الولايات الحدودية فسنجد أن سكان تلك الولايات باتوا يشعرون -كما يزعمون- بأنهم تحت الحصار، بسبب تدفق اللاجئين غير الشرعيين.. في ذات الوقت الذي يشعر فيه الأميركيون من أصول لاتينية بأنهم هم أيضاً مهمشون بسبب جوقة من الأصوات القبيحة التي تحاول الإساءة إليهم بكل وسيلة ممكنة، -كما هو الحال بالنسبة لموضوع المسجد. ومتابعة ما يجري هناك وما يقال حول هذا الموضوع، تدلنا على أن الأميركيين هناك لا ينتمون إلى أمة واحدة وإنما إلى أكثر من أمة. ويقودنا هذا إلى القول إننا بحاجة إلى العودة إلى النهج الأميركي الأصيل الذي يبدو أننا قد نسينا أين يقع، ذلك النهج الذي يلعب فيه الجميع وفقاً للقواعد الموضوعة، ويتبنون نفس الموقف الوطني. فعلى رغم أننا نتحدث عن الإجماع والتوافق طوال الوقت، فإن ما نفعله، وما نقوله، أبعد ما يكون عن التوافق والإجماع.. وليس هذا فحسب بل إننا نجد أن رسالة أوباما عن التغيير قد باتت فاترة وفقدت معناها هي الأخرى. فبدلا من الوحدة، ننخرط في الوقت الراهن في خلافات لا نهاية لها حول المسجد، وحول الأرض المقدسة، وحول الدين، واللغة، وهي موضوعات ما كان يجب أبداً أن نخوض سجالا حولها. إن على كل منا أن يكون أكثر مراعاة للآخرين، وألا يهتم بشؤونه الخاصة فقط، بل عليه أن يقدم المساعدة للآخرين عندما يطلبونها، ويحافظ على هدوء أعصابه، ورباطة جأشه، ويعمل على المحافظة على تماسك بنيان عائلته وأمته، ويتجنب نشر غسيله القذر على الملأ، ويمتنع عن الحديث بشكل خاص عن قضايا العنصر والدين. هذه هي المبادئ الأساسية للحلم الأميركي.. وعدم قدرتنا على التواصل، وإدراك تلك المبادئ، يعني أننا غير قادرين على المضي قدماً معاً على نفس النهج. كاثلين باركر كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"