تعتبر محاولات إنقاص الوزن من خلال الريجيم أو "الدايت" أو تعاطي الأدوية والعقاقير وغيرها من الطرق والأساليب، الشغل الشاغل للكثيرين، في ظل تزايد انتشار وباء زيادة الوزن والسمنة المفرطة، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد المصابين بزيادة الوزن حاليّاً، يزيد عن 1.6 مليار شخص، منهم 400 مليون مصابون بالسمنة المفرطة، مع توقع أن ترتفع هذه الأرقام في غضون أعوام قليلة إلى 2.3 مليار من المصابين بزيادة الوزن، منهم 700 مليون مصابون بالسمنة المفرطة. وحتى على مستوى الأطفال، تشير التقديرات إلى وجود 20 مليون طفل حاليّاً مصابين أيضا بزيادة الوزن والسمنة المفرطة، وهو العدد المرجح أيضاً ازدياده خلال السنوات القادمة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال، النظر إلى موضوع إنقاص الوزن على أنه يتعلق بالشكل، وبالجاذبية الجسدية فقط، في ظل الآثار الصحية السلبية للسمنة، مثل السكري، وأمراض الشرايين كالذبحة الصدرية والسكتة الدماغية، وبعض أنواع الأمراض السرطانية، هذا بالإضافة إلى العبء الاقتصادي الناتج عن المضاعفات والأمراض الأخرى التي تنتج عن السمنة، حيث أظهرت مثلا النتائج الصادرة عن أحد المراكز القومية الأميركية المتخصصة في جمع ونشر المعلومات عن السكري، أن تكلفة علاج السكري في الولايات المتحدة وحدها تزيد عن 132 مليار دولار سنويّاً. وفي ظل الأساليب المتعددة والمختلفة لإنقاص الوزن، بدءاً بتنظيم الغذاء وممارسة النشاط البدني، ومروراً باستخدام العقاقير والأدوية، ونهاية بجراحات السمنة التي تشمل ربط المعدة، أو حتى استئصال جزء من الجهاز الهضمي، يبدو أن هناك حلاً أسهل بكثير، وقليل التكلفة، ومنعدم الأعراض الجانبية والمضاعفات، وهو شرب كوبين من الماء قبل كل وجبة، حسب علماء جامعة "فيرجينا تيك" بالولايات المتحدة. فبناء على دراسة أجراها هؤلاء العلماء، وعرضت نتائجها في المؤتمر السنوي للجمعية الكيميائية الأميركية، يمكن فقدان حوالي ثلاثة كيلوجرامات من الوزن، من خلال تناول كوبين فقط من الماء قبل تناول وجبة الطعام. وتوصل العلماء إلى هذه النتيجة من خلال متابعة 48 شخصاً، تم تقسيهم إلى مجموعتين: المجموعة الأولى كانت تتناول كوبين من الماء قبل الوجبات الثلاث الرئيسية خلال اليوم، بينما لم تتناول المجموعة الأخرى أية كمية من الماء قبل الطعام. وبعد مرور 12 أسبوعاً، اكتشف العلماء أن المجموعة الأولى التي كانت تتناول الماء، قد خسر أفرادها ما يقارب ثلاثة كيلوجرامات من وزنهم مقارنة بالمجموعة الثانية، على رغم اتباع المجموعتين لنفس النظام الغذائي. وتأتي نتائج هذه الدراسة لتؤكد نتائج دراسات سابقة، كانت قد أظهرت أن الأشخاص الذين يشربون كوبين من الماء قبل الطعام، ينخفض ما يتناولونه من سعرات حرارية بمقدار ما بين 75 إلى 90 سعرة حرارية في الوجبة الواحدة، مقارنة بمن لا يشربون ماء قبل الأكل. ويعتقد العلماء أن هذا التأثير هو نتيجة كون شرب الماء، يملأ المعدة بسائل لا يحتوي على أية سعرات حرارية، ويقلل من كمية الطعام الذي يحتاجه الشخص لبلوغ الإحساس بالشبع. ويعتبر شرب الماء أيضاً، بديلا صحيّاً عن تناول المشروبات الأخرى، المحتوية على كميات كبيرة من السعرات الحرارية، مما يساعد على خفض الوزن بشكل غير مباشر. حيث تحتوي علبة المشروبات الغازية الواحدة على سبع أو عشر ملاعق صغيرة من السكر، أو ما يعادل 140 سعرة حرارية للعلبة الواحدة، وهو ما يترجم في النهاية إلى 51 ألف سعرة حرارية في السنة، لمن يشربون علبة واحدة فقط من المشروبات الغازية في اليوم. ولذا، يمكن من خلال استبدال المشروبات الغازية بكوب من الماء، التخلص من حوالي سبعة كيلوجرامات في السنة، أو على الأقل تجنب إضافة هذه الكيلوجرامات للوزن. وحتى عصائر الفواكه المعلبة، يمكن أن تضيف كثيراً للوزن، لأن الشركات المصنعة تضيف كميات كبيرة من السكر، بينما يؤدي تناول الفواكه الكاملة، إلى الحصول على نفس القيمة الغذائية الموجودة في العصائر الطبيعية، بالإضافة إلى الألياف والمكونات الأخرى، التي تخلق شعوراً بالشبع والامتلاء، وتغني عن تناول المزيد من الطعام. وجدير بالذكر، أنه في الوقت الذي يعتبر فيه تناول كميات كافية من الماء -دون إفراط- عاملا أساسيّاً في التوازن الكيميائي داخل الجسم، وفي قدرة الأعضاء والأجهزة على تأدية وظائفها بشكل سليم، نجد أن الإفراط في تناول المشروبات الغازية يؤدي إلى انخفاض مستوى الكالسيوم في الدم، وإلى خفض كثافة العظام خصوصاً لدى الفتيات، نتيجة إحلال حمض الفوسفوريك الموجود في المشروبات الغازية، محل الكالسيوم الموجود في العظام، وهو ما يزيد من احتمالات التعرض للكسور في المستقبل. وتؤثر المشروبات الغازية أيضاً بشكل سلبي جداً على سلامة الأسنان، وعلى احتمالات إصابتها بالتسوس، لسببين: الأول هو احتواؤها على كميات كبيرة من السكريات البسيطة، مما يساعد على توالد وتكاثر البكتيريا داخل الفم، والثاني هو أن معظم هذه المشروبات غالباً ما تكون حمضية التركيب، وهو ما يؤدي إلى تآكل الطبقة الخارجية من الأسنان، ويجعلها فريسة سهلة للبكتيريا التي تسبب التسوس، وهو ما ينطبق أيضاً إلى حد كبير على مشروبات الطاقة، التي لا تختلف كثيراً عن المشروبات الغازية المعتادة، في ما عدا احتوائها على كميات ضخمة وهائلة من مادة الكافيين.